النحل ، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، ومن أجل تلك المظاهر الإيمانية النقية تأثّر البعض من الطرف المقابل وانضمّ إلى معسكر الحق.
يقول الرواة : « عبر عليهم ـ أي على أصحاب الحسين عليهالسلام ـ في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان وثلاثون رجلاً » (١).
وفي ظل هذه الأجواء ، فاننا لا نتجاوز الحقيقة إذا ما قلنا بأن القيادة اليزيدية سعت إلى عرقلة ومنع تلك المظاهر العبادية بشتى الأساليب وأقسى التدابير ، وعند استقرائنا لتلك الاجراءات وجدنا أن الوثائق التاريخية تؤيد وتؤكد بأن هذه القيادة قد اتبعت أسلوبين أساسيين ، هما :
من خلال الإدعاء بأن صلاة الحسين عليهالسلام لا تقبل لأنه ـ حسب زعمهم ـ قد شقَّ عصا الطاعة ، وفارق الجماعة ، ورفض البيعة ليزيد بن معاوية ، وقد برزت تلك المزاعم الواهية بصورة علنية عندما استأذنهم الإمام عليهالسلام لأداء فريضة صلاة الظهر ، وطلب منهم أن يمهلوه حتى نهاية الصلاة ، فقال له الحصين وهو أحد أقطاب الجيش اليزيدي : انها لا تُقبل منك!. فردّ عليه الصحابي الجليل حبيب بن مظاهر الأسدي وقال له : زعمت انها لا تقبل من آل رسول اللّه ، وتُقبل منك يا حمار! (٢) ، فحمل الحصين عليه ، فخرج إليه حبيب بن مظاهر وضرب وجه فرس الحصين بالسيف فشبَّ به الفرس ، ووقع عنه ، فحمل أصحابه وجعل حبيب يحمل
__________________
(١) انظر : اللهوف : ٥٧.
(٢) انظر : تاريخ الطبري ٦ : ٢٣٧ ، حوادث سنة احدى وستّين.