لأنهم وجدوا فيها سلاحا فعالاً لتأجيج المشاعر وصحوة الضمائر عند مرتزقتهم ، لذلك حاولوا بشتى السبل والحيل أن يمنعوه من إقامة شعائر الصلاة ، لولا المعارضة التي أبداها بعض قادة وجنود الجيش الأموي ، وخشيتهم من انقلاب الأوضاع لغير صالحهم ، لا نقول هذا الكلام جزافا وانما نستند إلى أقوال الرّواة الذين نقلوا بان الحسين عليهالسلام عندما طلب من أخيه العباس إرجاء أو تأجيل القتال إلى الغد ، فقد توقف عمر بن سعد ولم يُبد أي موافقة على هذا الطلب ، ولكن بعد المعارضة القوية والاستهجان الذي قُوبل به من قبل بعض أفراد قواته أذعن لهذا الطلب المشروع ، ووافق على مضض ، وخاصة عندما احتج عليه عمرو بن الحجاج الزبيدي الذي قال مستنكرا ومستهجنا : « واللّه لو أنهم من الترك والديلم وسألونا مثل ذلك لأجبناهم ، فكيف وهم من آل محمد صلىاللهعليهوآله ! فأجابوهم إلى ذلك » (١).
فكانت صلاة الإمام وعبادته الصادقة عندما تقدّم الصفوف بسيماه الملائكي وهو يضع على رأسه عمامة رسول اللّه المعروفة بالسحاب ، كانت تشكل عامل جذب لبعض النفوس الخيرة المتحيرة ، التي التبست عليها الأمور ، وكانت تراقب سلوكيات المعسكرين لكي تتعرف على ملامح الحق ودلائل الصدق ، فوجدت في الحسين عليهالسلام وأصحابه سيماء الإيمان والصلاح والحرص على حقن الدماء ، لذلك انجذبت إلى جبهة الحسين عليهالسلام كما ينجذب الفراش نحو النور.
ويروى أنّ أصحاب الحسين عليهالسلام باتوا ليلة عاشوراء ولهم دوي كدوي
__________________
(١) اللهوف : ٥٤.