السلام وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فاني أردت ثوابك في نصر ذرية نبيك ، ثم قضى نحبه رضوان اللّه عليه ، فوُجد به ثلاثة عشر سهما سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح » (١).
علما بأن الحسين عليهالسلام حاول ليلة العاشر من المحرم تأجيل القتال عندما بدأ جيش العدو يزحف باتجاه معسكره ، فأرسل أخاه العباس بن علي (سلام اللّه عليه) ، ليتفاوض مع القوم حتى يُرجئوا القتال إلى الغد ، ولم يكن ذلك خوفا من الموت أو خدعةً من أجل البحث عن مخرج ، بل لكي يجد متسعا إضافيا من الوقت يصلّي فيه لربه ويُكثر من الدعاء والإنابة إليه ، فقد قال لأخيه العباس ( سلام اللّه عليه ) : « ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم إلى الغُدوة وتدفعهم عنّا العشيّة ، لعلنا نصلّي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلمُ أني قد أُحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه والدُّعاء والاستغفار » (٢).
لقد أظهر الحسين عليهالسلام بلسان الحال بأن الصلاة هي أثمن ما في الحياة ، وبأنّ لها نكهة خاصة في الظروف غير الطبيعية ، حيث تُزوّد الإنسان المقهور بشحنات من النور ، ودفقات من الحرارة الروحية ، فتشد من عزيمته وتخفف من وطأة الخطوب عنه.
والمفارقة العجيبة التي حصلت في واقعة الطف ، أن الحسين عليهالسلام الذي صلى الظهر ـ كما أسلفنا ـ صلاة الخوف ، كان أعداؤه يخافون من صلاته ،
__________________
(١) اللهوف : ٦٦.
(٢) الإرشاد ٢ : ٩٠ ـ ٩١.