لاحظ كيف أن الحسين القائد كان يخطط بمنتهى الحكمة ، ويضع بنظر الاعتبار معالجة خطط وأفكار شمر ( لعنه اللّه ) ، وكيف أنه أراد أن يكون اتجاه المعركة من وجه واحد ، مراعيا قلة عدد قواته ، وحماية نسائه وأطفاله من أن يُعتدى عليهن ، أو يقعن رهينةً بيد عدوه.
ومع النقص الشديد في عددهم قاتل جند الحسين ببسالة منقطة النظير ، وبالنتيجة سقطوا في ساحة الوغى بين شهيد وجريح ، وذلك لشدة قصف السهام ، وكون ميدان القتال بالنسبة لأصحاب الحسين عليهالسلام المحاصرين ضيقا لا يتسع للانتشار والتبعثر الذي يقلل ـ عادة ـ من الخسائر في الأرواح.
«من جملة تقاليد الحرب التي كانت معروفة عند العرب ، هي أن يبرز الى ساحة القتال خصمان من الفريقين ، ويعرّفا نفسيهما ويرتجزان ثم يتبارزان. وفي بعض المواقف كان النزال الفردي يحسم مصير القتال ، وبعد أن يتبارز عدّة أشخاص في النزال الفردي ، يبدأ الهجوم الشامل » (١). والمبارزة تعني بروز الاشخاص للقتال الفردي. وفي يوم عاشوراء استمر النزال الفردي حتى الظهر ، وحين كان جيش الكوفة يستشعر الضعف كان يهجم على أحد أصحاب الحسين بشكل جماعي حتّى يقتلوه. وقد استشهد بعض أنصار الحسين في النزال الفردي ، وبعضهم استشهدوا في الهجوم
__________________
(١) الفن العسكري الاسلامي / ياسين سويد : ٢٢.