أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم اللّه عني خيرا ، ألا وإنِّي لأظنّ أنّه آخر يومٍ لنا من هؤلاء ، ألا وإنّي قد أذنتُ لكم فانطلقوا جميعا في حلٍّ ليس عليكم منّي ذِمامٌ ، هذا الليلُ قد غشيكم فاتّخذوه جملاً » (١).
ترى هل يتقبل الجيش المتكون من الأهل والأنصار رأيه هذا؟ .. كلا ، ولماذا؟ لأن العظمة ، ولأن البطولة كانتا في ذلك اليوم على موعدٍ مع هؤلاء الأبرار جميعا فتيانا وكهولاً ، لتحققا بهم أروع مشاهدهما ، وأسمى أمجادهما. من أجل ذلك ، لم يكد البطل يفرغ من كلماته ، حتى تحولوا جميعا إلى اُسود تزأر بكلمات الرّفض وتشرق بدموع العطف والمودة ، هبوا جميعا يُعطون البيعة على موت محقق ، فقالوا له : « لم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟! لا أرانا اللّه ذلك أبدا » (٢).
كل ذلك جعلنا نتساءل عن الخصائص الرئيسية التي امتاز بها أصحاب الحسين عليهالسلام ، والتي كانت السبب وراء وقوفهم مع قائدهم في ذلك الموقف العصيب ، في وقت لم يكن لهم في إحراز النصر على عدوهم أدنى أمل ، وليس أمامهم سوى القتل ، فمن خلال دراستنا لسلوكهم ومواقفهم في كربلاء نجد هذه الخصائص تتمثل بما يلي :
لم يكتف معاوية باغتصاب الخلافة ، ولم يرغب ـ وهو على وشك لقاء
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٩١.
(٢) الإرشاد ٢ : ٩١.