لقاء اللّه ، فاني لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برما » (١).
وكان لخطبته هذه وما سبقها تأثير فعال على عقول وقلوب الأصحاب ، فعبّروا عن عميق تأثرهم بعبارات بليغة ، استمع إلى رد فعل زهير بن القين على هذه الخطبة ، قال للحسين عليهالسلام : « قد سمعنا ـ هداك اللّه يا ابن رسول اللّه ـ مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين لآثرنا النهوض معك على الاقامة! » (٢).
لم يترك الإمام الحسين عليهالسلام وسيلة إعلامية في عصره إلاّ واستخدمها في سبيل الكشف عن زيف بني أمية وضلاهم ، بعد أن جعلوا بدعايتهم المضلّلة على القلوب أكنة ، وعلى الأسماع وقرا ، وعلى الأبصار غشاوة.
فمن الضرورة بمكان أن يلجأ الحسين عليهالسلام إلى الوسائل الإعلامية السائدة والمتاحة له كالخطابة والمراسلات واللقاءات الفردية والجماعية ، وكذلك لجأ إلى الشعر كوسيلة مؤثرة في نفوس الناس ، ومن الشواهد على ذلك أنه لما قُتل مسلم ابن عقيل عليهالسلام ، استعبر الحسين عليهالسلام باكيا ، ثم قال : « رحم اللّه مسلما ، فلقد صار إلى روح اللّه وريحانه وجنته ورضوانه ، أما إنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا .. » ثم أنشأ يقول (٣) :
فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة |
|
فان ثواب اللّه أعلى وأنبلُ |
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٦٨.
(٢) اللهوف : ٤٥.
(٣) مثير الأحزان : ٣٢.