البيوت إلا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم » (١).
ومهما يكن من أمر فإن الحسين عليهالسلام كان يستطلع أكثر الأوقات بنفسه أو بواسطة مفرزة استطلاع من أجل الحصول على المعلومات المتيسرة ـ ولو على وجه السُّرعة ـ عن العدو وعدد قواته وتجهيزاته وتحركاته.
سعى الإمام عليهالسلام إلى تطهير قواته من عناصر الفتنة والخذلان وأصحاب الأهواء والمصالح ، إدراكا منه بأن قوة الجيش لاتُقاس بعدد جنوده بل بمدى تحلّيهم بعناصر الضَّبط الذي هو أساس الجندية ، ومدى درجة إيمانهم بحقانية الحرب التي سوف يخوضونها.
ومعنى الضبط : هو إطاعة الأوامر وتنفيذها بحرص وأمانة وإخلاص وعن طيب خاطر ، وهذه الأمور يفتقد إليها بعض من التحق بجيش الإمام طلبا للمنصب أو المَغْنم ، فهؤلاء ـ أقصد أهل الأهواء والمطامع ـ بدأوا بالتفرُّق سرا وعلانيةً ، ليلاً ونهارا بمجرّد سماعم بشهادة مسلم بن عقيل (سلام اللّه عليه) ، الذي تناهى إلى أسماعهم في منطقة زبالة.
والحسين القائد عليهالسلام لم يخفِ هذا الأمر الجلل عن جنده ، فقد عقد مؤتمرا عاما لأهل بيته وأصحابه ، وقام خطيبا فأطلعهم على ذلك الخبر المؤسف حول شهادة سفيره وعميد بيته مسلم بن عقيل (سلام اللّه عليه) ، ولم يبدِ من مظاهر الحزن سوى الإكثار من الاسترجاع ، وأخفى كل مشاعر حزنه
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢٢٦ ، حوادث سنة إحدى وستين.