يستطلع بنفسه وأحيانا يؤلف دورية استطلاع قليلة العدد ، تكون في طليعة قواته ، ليحصل من خلالها على المعلومات عن مدى اقتراب دوريات العدو التي تحاول صده عن الوصول إلى هدفه ، ويحاول التعرف على الطُرق ومصادر المياه ، ومن مصاديق ذلك أن الإمام الحسين عليهالسلام عندما وصل منطقة الثعلبية ونزل بها ، نظر إلى سواد مرتفع ، فقال لأصحابه : « ما هذا السواد »؟ فقالوا : لا علم لنا بذلك. فقال : « انظروا ثانية ». فقالوا : خيلٌ مقبلة. فقال : « اعدلوا بنا عن الطريق ». لأنه لا يريد المواجهة العسكرية قبل الوصول إلى الكوفة. قال وهو واقف للاستطلاع : « فلما رأونا عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا » (١).
وإذا هم ألف فارس يقدمهم الحر بن يزيد الرياحي. وهذه الحادثة مفادها : أن الحسين عليهالسلام عندما بلغ منطقة ذي حسم كبّر رجلٌ من أصحابه تكبيرة الإعجاب ، وكان ضمن قوات الاستطلاع التي وضعها الإمام في طليعة الرَّكب ، فقد تصور هذا الرجل أنه رأى نخيل الكوفة ، فلذلك أخذ يُكبّر بأعلى صوته ، مبشرا بالوصول إليها ، ولكن الجماعة المكلفة بالاستطلاع لم تقتنع بذلك ، وبعد التدقيق في صحة الخبر تبين لهم أنها رؤوس رماح ، تحكي عن قدوم قوة عسكرية ، فتحيز الحسين عليهالسلام برحله إلى هضاب ذي حسم ، واتخذ وضعا دفاعيا مرتجلاً ، وأصدر تعليماته العسكرية فقد « خرج إلى أصحابه فأمرهم أن يقرّبوا بعض بيوتهم من بعض ، وأن يدخلوا الأطناب بعضها من بعض ، وأن يكونوا هم بين
__________________
(١) اُنظر : الإرشاد ٢ : ٧٧.