وخاصة في ليلة الهرير يوم صفين. فصفّ قدميه لوجه اللّه مصلّيا ، والحرب قائمة على قدم وساق من حوله ، ولما لاموه عليها ، بيّن لهم أن حربه من حيث الأساس هي لإقامة الصلاة ، التي تنهى ـ في جوهرها ـ عن المنكر والبغي ، وكان ابنه الحسين عليهالسلام ينسج على منواله ، والشبل من ذاك الأسد.
لقد اهتم بإقامة الصلاة في ذلك الوقت العصيب عندما صاح مؤذنه أبو ثمامة الصيداوي ، وصلى بأصحابه ، ولكن صلاة الخوف قصرا وسهام الأعداء تترى عليه بالرغم من استمهاله إياهم لإقامتها!
أيخشى الإمام عليهالسلام قتله في الصلاة وقد مضى أبوه قتيلاً في محرابه؟ أم يخشى الموت صحبه وهم يتسابقون إليه تسابق الجياع إلى القصاع ، ويحبّذون الموت دونه لوجه اللّه وفي سبيل رسوله؟ يقول الشهرستاني : « لقد كانت صلاة الحسين عليهالسلام من أصدق مظاهر إخلاصه للّه وتمسّكه بالشريعة » (١).
يقول الرّواة : « لما حلَّ وقت صلاة الظهر يوم العاشر من المحرم ، أمر الحسين عليهالسلام زهير بن القين وسعيد بن عبد اللّه الحنفي ، أن يتقدّما أمامه بنصف ممن تخلّف معه ، ثم صلى بهم صلاة الخوف ، فوصل إلى الحسين عليهالسلام سهم ، فتقدّم سعيد بن عبد اللّه الحنفي ووقف يقيه بنفسه ... حتى سقط إلى الأرض وهو يقول : اللهمَّ العنهم لعن عاد وثمود ، اللهمَّ أبلغ نبيك عنّي
__________________
(١) نهضة الحسين / هبة الدين الشهرستاني : ١٢٤.