ثانيا : البعد العبادي
إنّ نهضة الإمام الحسين عليهالسلام كانت تكليفا إلهيّا ، ووظيفة شرعية ، وعبادة عالية ، لا تقاس بها عبادة من العبادات ، وكذلك أفعال سائر الأئمّة عليهمالسلام وتروكهم ، وجميع أفعالهم وحركاتهم.
ويظهر البعد العبادي جليّا في نهضة عاشوراء من خلال صلاة الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء تحت أسنّة الحراب ، وإكثاره من الدعاء والاستغفار ، وتمسّكه بالقرآن تلاوةً وعملاً من خلال محاوراته وسلوكه.
ما أكثر الأحاديث التي تُظهر فضل وفضيلة الصلاة ، وكونها عمود الدين ، وأحبّ الأعمال إلى اللّه عزّوجلّ ، وهي آخر وصايا الأنبياء ، وقد أشاد القرآن قبل ذلك بمكانتها ، وذمَّ أقواما لاستهانتهم بها ، فقال عزَّ من قائل : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ) (١) ، يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها ، وقال الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : « وليكن أكثر همّك الصلاة ، فإنّها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين » (٢). فالصلاة التي يقف فيها الإنسان بين يدي جبار السماوات والأرض تُعطي زخما روحيا يزيد من قوّته على تحدّي معاناة الحياة ومواجهة ما يأتي به الدهر من صروف.
والصلاة ـ إضافة إلى ذلك ـ هي معراج المؤمن اليومي إلى عالم
__________________
(١) سورة الماعون : ١٠٧ / ٤ ـ ٥.
(٢) تحف العقول / ابن شعبة الحرّاني : ٢٦.