ومعسكره ويُعرف الآن ( المخيم ).
فصارت منطقة الحائر منطقة حرام (بالاصطلاح العسكري المعاصر) فاصلة بينه وبين معسكر الأعداء ، وأمر أصحابه أن يقربوا البيوت بعضها من بعض ، حتى تتمكن قواته من خوض المعركة بقوة أقل ، وتوقع بالعدو خسائر أكثر ، قال أبو مخنف : « فقال الحسين عليهالسلام : أما لنا ملجأ نلجأ إليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم في وجه واحد ، فقلنا له : بلى هذا ذو حسم ( اسم جبل ) إلى جنبك تميل إليه عن يسارك ، فان سبقت القوم إليه فهو كما تريد ، قال : فأخذ إليه ذات اليسار ، قال : وملنا معه ، فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل فتبيناها وعدلنا ، فلما رأونا وقد عدنا عن الطريق عدلوا إلينا ، كأن أسنتهم اليعاسيب ، وكأن راياتهم أجنحة الطير. قال : فاستبقنا إلى ذي حُسُم فسبقناهم إليه ، فنزل الحسين عليهالسلام ، فأمر بأبنية فضربت ، وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي » (١).
وهذا النص يثبت لنا بأن الحسين عليهالسلام كان يفكر تفكيرا عسكريا راقيا ، وكان لا يستبدّ برأيه بل يستشير أصحابه ، ويسأل دائما عن المكان المناسب لكي يُتّخذ كموضع دفاعي ، والنصّ صريح ـ أيضا ـ بأن كل طرف كان يتسابق مع الطرف الآخر ، ويسعى للحصول على المكان المناسب لخوض الحرب.
٣ ـ قام بمحاولات جريئة للوصول إلى شاطى ء الفرات المحروس بقوات محصنة تحصينا جيدا ، وموزعة كمائنها على المشرعة بصورة شبكة
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢١٣ ، حوادث سنة إحدى وستين.