يصعب اختراقها ، ولكن رواة المعركة ـ كأبي مخنف ـ قد اعترفوا بأن العباس ( سلام اللّه عليه ) تمكن من اختراق صفوف القوات المكلفة بحراسة المشرعة ، وجلب الماء (١) ، ولكن في محاولته الثانية لجلب الماء تمكنت الكمائن المنصوبة في طريقه من منعه من إيصال ماء القربة إلى العيال والأطفال ، بواسطة قناصيها المنتشرين بين النَّخيل ، فقد أمطروه بسيل من السِّهام ، نفذ أحدها إلى القربة وأراق ما فيها من الماء ، ثم أن أحد أفراد هذه الكمائن تمكن من إصابة العباس ( سلام اللّه عليه ) بعمود من حديد على هامته.
ضمن هذا السياق يُروى أن الحسين عليهالسلام قام ـ أيضا ـ باختراق تحصينات وحشود العدو المنتشرة على المشرعة ، ودخل الفرات ، وأراد أن يشرب الماء لولا الخدعة التي منعته من ذلك ، وهي : مناداة القوم عليه بأن الأعداء قد هجموا على حرمه وخيمه ، فكيف يهنأ ابن الزهراء بشرب الماء وقد هتكت حُرمة حَرمه!.
٤ ـ حفر خندقا حول المخيم ، وملأه حطبا ، وأضرم فيه نارا ، لأجل أن تكون جبهة الحرب ضيقة ومن جهة واحدة ، ويبدو أن شمر بن ذي الجوشن كان يخطط لتطويق قوات الإمام الحسين عليهالسلام ، وكان يحاول الالتفاف على هذه القوات من الخلف ، ولكن خبرة الإمام عليهالسلام بشؤون الحرب وتحسّبه لكل الاحتمالات الطارئة قد أحبطت هذه المحاولة.
ومما يعزز ذلك ، ما نقله أبو مخنف عن الضحاك المشرقي ، قال : « لما
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبري ٦ : ٢٢٠ ، حوادث سنة إحدى وستين.