يذكر أبو مخنف في مقتله : بان الحسين عليهالسلام كان يجلس مع ابن سعد ليلاً ويتحدثان طويلاً حتى يمضي من اللّيل شطره ، قال : « فتكلما فأطالا حتى ذهب من اللّيل هزيع ، ثم انصرف كل واحد منهما إلى عسكره بأصحابه » (١).
وكانت أساليب الحسين عليهالسلام السِّلمية تقابلها نزعة حربية طاغية ورغبة ملحّة بتعجيل القتال من قبل بعض قادة الجيش المعادي كشمر بن ذي الجوشن الذي كان يصرّ على القتال ووضع الحدّ للحوار الدائر بين الجيشين ، وقد استغرب الحر الرياحي من اندفاع شمر للقتال ، وتعجله بالشر ، فالتفت الحر الرياحي لابن سعد ، وقال : أمقاتل أنت هذا الرجل؟! فقال ابن سعد : إي واللّه قتالاً أيسره أن تقطع الأيدي وتطيح الرؤوس. عندئذ انعقدت الدهشة لسان الحر وأصابه مثل الإفكل ـ أي الرِّعدة ـ فقال له المهاجر بن أوس : واللّه إنّ أمرك لمريب ، ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك ، فما هذا الذي أرى منك؟ فقال : واللّه إنّي أُخيِّر نفسي بين الجنّة والنار ، فواللّه لا أختار على الجنّة شيئا ولو قطّعت وأُحرقت. ثم التحق بصفوف الحسين عليهالسلام (٢).
تجدر الإشارة إلى أن موقف ابن سعد القائد الميداني كان مترددا في البداية بالقتال ، وكان بين الاقدام والاحجام ، ويلتمس العذر في بداية الأمر ، ولكن المغريات التي قُدمت اليه كالحصول على ولاية الرّي قد قلبت
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢٢١ ، حوادث سنة إحدى وستين.
(٢) اللهوف : ٦١ ـ ٦٢.