كان ينتظر تفاقم النقمة العامة على معاوية وعلى الأمويين بصورة عامة لتكون الثورة أكثر شمولاً وأقرب إلى فرص النجاح ، وهكذا كان.
فان نبأ هلاك معاوية كان أعظم بشارة تلقاها العالم الإسلامي بالفرح والسرور ، وشعروا بأن كابوسا خانقا قد زال عن صدورهم حتى قال يزيد ابن مسعود مبشرا بموته « إن معاوية مات فأهون به واللّه هالكا ومفقودا ، ألا وإنه قد انكسر باب الجور والإثم ، وتضعضعت أركان الجور ... » (١). وقال الحسن البصري : « أربع خصال كنّ في معاوية ، لو لم يكن فيه منهنّ إلاّ واحدة لكانت مُوبقة : انتزاؤه على هذه الأمّة بالسفهاء حتى ابتزّها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصّحابة وذو الفضيلة ، واستخلافه ابنه بعده سكّيرا خمّيرا ، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير ، وادّعاؤه زيادا ، وقد قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : الولد للفراش ، وللعاهر الحجَرُ ، وقتلهُ حُجْرا ، ويْلاً له من حُجْر! مرّتين » (٢).
يتّضح مما تقدم أن الحسين عليهالسلام قد تريث بالثورة إلى أن هلك معاوية بن أبي سفيان التزاما منه بعهده ، واحتراما لموقف أخيه الحسن عليهالسلام ، ولأسباب ومصالح أخرى أيضا. ولكنه في خلال ذلك كان يصارح الرأي العام بسخطه وامتعاضه واستيائه من الوضع القائم ، إتماما للحجة على الناس ، وإظهارا للحق ، وإيضاحا للواقع ، لكي يحيا من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة ، ولذلك فبمجرّد أن هلك معاوية في أول رجب
__________________
(١) مثير الأحزان : ١٧ ، لواعج الأشجان : ٤٠ ، اللهوف : ٢٦.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ١٤٠ ، حوادث سنة احدى وخمسين.