السالفة تتهم أنبياءها ومصلحيها بالكذب من أجل إلقاء ظلال من الشك على دعواتهم الخيّرة. وعلى هذا المنوال نسجت الدعاية اليزيدية عندما أوحت للسذّج من الناس بأن الحسين عليهالسلام ( وحاشاه ثم حاشاه ) كذّاب ومفترٍ وغير مؤهل للخلافة! كما حاولت السلطة أن تسخّر بعض أنصار الحسين عليهالسلام ، الذين وقعوا أسارى في قبضتها من أجل اقناع الناس بمصداقية إعلامها ، ولكن محاولتها هذه قد باءت بالفشل ، عندما تقطعت حبال كذبها بفعل وعي وصلابة أنصار الحسين عليهالسلام وإيمانهم بقائدهم وقضيتهم.
ومن الشواهد على هذا المنحى أن ابن زياد لما ألقى القبض على سفير الحسين عليهالسلام إلى أهل الكوفة ، وهو قيس بن مسهر الصيداوي ، أمره أن يشرف على الناس من شرفة قصره ، ويلعن الحسين عليهالسلام ويُعلن للملأ أنه ـ حاشاه ـ كذّاب وابن كذّاب! .. فصعد الصيداوي إلى حيث أراد ابن زياد ، ثم ألقى على الجموع التي جمعوها وحشدوها نظرة وابتسامة ثم صاح : « أيّها الناس ، إنّ هذا الحسين بن علي خير خلق اللّه ابن فاطمة بنت رسول اللّه ، وأنا رسوله إليكم فأجيبوه ، ثمّ لعن عبيداللّه بن زياد وأباه ، واستغفر لعلي بن أبي طالب عليهالسلام وصلى عليه ، فأمر به عبيداللّه أن يرمى به من فوق القصر ، فرموا به فتقطّع » (١) رحمة اللّه عليه.
ومن الشواهد الأخرى على هذا النهج المذموم أنّه « خرج يزيد بن معقل من معسكر عمر بن سعد ، فقال : يا بُرير بن حُضير كيف ترى اللّه
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٧١ ، ومناقب آل أبي طالب ٣ : ٢٤٥ مع اختلاف يسير.