لذكر اللّه.
يتساءل الشهرستاني ، فيقول : « فهل ترى مظهرا للدين والحق أصدق من هذا؟ أفلا تُحترم الصلاة وهي حرم اللّه؟! أو لم يسمعوا كلام اللّه : ( وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُوءْمِنًا ) (١) » (٢).
ويُستنتج من كل ذلك بأن أعداء الحسين عليهالسلام قد قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، فلم تعد تؤثر فيهم مظاهر إسلامية أو عواطف بشرية. لكن مع ذلك استمر الإمام عليهالسلام بصلاته تحت مطر السهام ولم يستسلم للتهديدات المبطّنة أو المكشوفة التي حاولوا من خلالها قطع صلاته بربّه ، والحيلولة دون تأجيجه لمعنويات جنده وجذب الآخرين إلى صفه. وكما تمكنوا من قبل من اغتيال أبيه وهو في محراب الصلاة ، حاولوا اغتياله ضمن خطة ماكرة وغادرة وهو في أثناء الصلاة خصوصا بعد أن غدا هدفا مكشوفا ومجرّدا من وسائل الدفاع ، ولكن روح الفداء التي تحلّى بها أصحابه في كربلاء عملت على إفشال تلك الخطة واحباطها ، فقد جعلوا من أجسادهم دروعا تحول دون وصول سهام الغدر إلى قائدهم الحسين عليهالسلام.
وقد أشرنا إلى موقف الصحابي سعيد بن عبداللّه الحنفي الذي صدَّ السهام التي انطلقت باتجاه الحسين عليهالسلام وهو في أثناء الصلاة ، وبعد أن قضى نحبه وجدوا في جسده ثلاثة عشر سهما!
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٩٤.
(٢) نهضة الحسين / الشهرستاني : ١٢٥.