الكامل والخضوع الأعمى ، وعليه فالفجوة القائمة بينهما واسعة لا يمكن رتقها ، لقد « قدر بأن بيعته ليزيد تتناقض تماما مع الشرع ومع الحقيقة ومع معتقداته وخط الكمال الإسلامي الذي يمثله ، وأن بيعته ليزيد ستكون بمثابة اعتراف بشرعية خلافة غير شرعية ، وفتوى ضمنية بأهلية يزيد للخلافة ، وهو الرجل الذي يجاهر بفسقه ومجونه وحتى بكفره » (١).
ونتيجة لكل ذلك اتخذ الإمام قراره النهائي بالامتناع عن بيعة يزيد ، وأعلن هذا القرار بكل وسائل الإعلان المعروفة في زمانه ، وهذا القرار لم يكن اعتباطيا ، وإنما بني على قناعات دينية يقينية ، وحقائق تاريخية وعقلية وفطرية معلومة بالضرورة .. رأى أن مبايعته ليزيد بن معاوية جريمة كبرى وبكل المعايير الدينية والتاريخية والمنطقية ، لذلك امتنع عن البيعة ، وأعلن هذا الامتناع بكل وسائل الإعلان. الامتناع عن البيعة في عرف الخلفاء وأركان دولتهم ، يعتبر خروجا على طاعة الخليفة الغالب ، وعدم القبول بخلافته.
ويدلنا على مدى احتقار الحسين عليهالسلام ليزيد وسقوط الأخير عن أدنى مستويات الانسانية ، قوله عليهالسلام لمروان بن الحكم لما أشار عليه بالبيعة ليزيد ، فقال : « إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، وعلى الإسلام السلام ، إذ قد بُليت الأمّة براعٍ مثل يزيد » (٢).
__________________
(١) كربلاء ـ الثورة والمأساة / المحامي أحمد حسين يعقوب : ٦٧ ، مركز الغدير ، بيروت ، ط ١ ـ ١٤١٨ه.
(٢) اللهوف : ١٨.