الوساوس ولكن لا بمعنى ان الوسواسي بعد حصول القطع له يسلب الشارع الحجّية عن قطعه فان ذلك ليس ممكنا ـ للزوم اجتماع المتناقضين في نظره كما هو الحال تماما في سلب الحجّية عن قطع غير القطاع ، فلو قطع القطاع بان السائل المعين ماء مباح ونهاه الشارع عن اتباع قطعه وقال انه خمر محرم لزم اجتماع الحرمة والاباحة في نظره ـ بل بمعنى نهيه عن الولوج في الاسباب غير العقلائية التي يسلكها القطاع فكأنه قال له : لا تسلك الاسباب غير العقلائية وان سلكتها وحصل لك القطع باباحة سائل معين وكان في الواقع خمرا وشربته لم تكن معذورا ، وليس المقصود من هذا النهي ايضا تحريم سلوك الاسباب غير العقلائية تحريما تكليفيا وانما يقصد من ورائه تنجيز الحرمة على تقدير ثبوتها واقعا نظير ما اذا نهى الوالد ولده عن اجتياز شارع معين خوفا عليه من السرّاق الموجودين فيه ، فاذا عصى وسلك ذلك الشارع وسرقت امواله لم يكن معذورا.
وهذا الوجه وان كان جيدا الاّ ان اقصى ما يثبت به ان الشارع لو نهى القطاع عن سلوك الاسباب غير العقلائية فلا يكون معذورا ، اما انه هل صدر هذا النهي بالفعل فهذا لم يثبته بل لا دليل عليه.
الثاني : ان القطاع قبل ان تحصل له القطوع بالاباحة (١) لو فكر بينه وبين نفسه والتفت الى كونه انسانا شاذا وذا وساوس فقد يحصل له العلم بأن بعض القطوع بالاباحة التي سوف تحصل له في المستقبل باطله وغير مطابقه للواقع فلو كان عدد القضايا التي يبتلي بها في المستقبل مائة فسوف يعلم بان واحدا من القطوع على الاقل باطل ، ومعنى بطلانه ثبوت الحرمة في ذلك المورد ـ اذ ليس
__________________
(١) انما قيدنا القطوع بكونها قطوعا بالاباحة باعتبار ان المعذرية تختص بموارد القطع بالاباحة ونفي التكليف.