والجواب : ان بعض مباحث الدلالات تستحق الدقة والعمق ، والاصولي يبحث عنها من هذا الجانب ، ولتوضيح ذلك تقول : ان الابحاث اللفظية ـ الابحاث عن الدلالات ـ على قسمين :
١ ـ بحوث لغوية. وهي بحوث عن تحديد المعاني اللغوية للالفاظ مثل ان الامر ظاهر في الوجوب او لا؟ والجملة الشرطية ظاهرة في المفهوم او لا؟ وهكذا ، ومثل هذه الابحاث قد يشتمل على الدقة والعمق في بعض الحالات كما سنوضح ذلك بعد قليل.
٢ ـ بحوث تحليليّة. مثل قولنا زيد في الدار ، فان معنى هذه الجملة واضح لكل انسان له ادنى المام باللغة العربية ولا جهل فيها من حيث المعنى اللغوي بيد انه لو دققنا فيها قليلا وجدنا ان المعنى المقابل لكلمة زيد واضح وهو ذات زيد وهكذا المعنى المقابل لكلمة الدار ولكن ما هو المعنى المقابل لكلمة في؟ ان هذا فيه شيء من الخفاء ، ولم ينشأ هذا الخفاء من عدم وضوح المعنى اللغوي لكلمة في ، فان معناها ضمن الجملة المذكورة واضح ويستغرب الانسان العربي لو سئل عن معناها ، وما ذاك الاّ لوضوحه ، غير انه لو اردنا معرفة المعنى المقابل لكلمة ( في ) في الجملة المذكورة بالدقة عسر علينا ذلك ، وجاءت ارآء اصولية متعددة في تحديده ، فقيل انها موضوعة لتحصيص المعاني الاسمية كما اختاره السيد الخوئي ، وقيل بان معناها نفس معنى الاسم كما اختاره الآخوند ، وقيل : ان معناها هو النسبة والربط كما اختاره المشهور.
وباختصار ان الابحاث اللفظية على قسمين فبعضها لغوى وبعضها الآخر تحليلي يحلل فيه معنى الجملة ليتجلى بالدقة المعنى المقابل للحرف.