المقيد باللحاظ الاستقلالي ، ان هذا باطل ، اذ لو كان اللحاظ الآلي او الاستقلالي جزء من المعنى يلزم صيرورة معنى كلمة « من » و « ابتداء » امرا ذهنيا فان اللحاظ (١) امر ذهني ، والمقيد بالامر الذهني ذهني ، وبالتالي يلزم عدم امكان الامتثال لو قيل : سر من البصرة ، لان الابتداء الذي يحصل من الشخص المأمور ابتداء خارجي وليس ذهنيا والحال انه لا اشكال في حصول الامتثال بالابتداء الخارجي ، وهذا يكشف عن عدم كون معنى كلمة « من » ذهنيا.
يبقى شيء وهو انه اذا لم يكن اللحاظ الآلي او الاستقلالي قيدا في المعنى الموضوع له فلأي شيء يكون قيدا اذن؟ اجاب الآخوند عن هذا السؤال بان اللحاظ قيد في نفس الوضع او بالاحرى في العلاقة الوضعية الحاصلة بسبب الوضع وليس قيدا في المعنى الموضوع له ، بل المعنى الموضوع له هو مفهوم الابتداء لا غير ، واللحاظ الآلي والاستقلالي قيد في الوضع ، وهذا نظير ان يكون للانسان ولد عزيز ، ولحبه الشديد وضع له اسمين فقال : اني وضعت لولدي في الليل كلمة « زيد » وفي النهار كلمة « عمرو » ، فانه في هذا المثال يكون المعنى الموضوع له في كلمة « زيد » و « عمرو » واحدا وهو ذات الولد من دون اخذ الليل والنهار قيدين في المعنى ، وانما هما قيدان في الوضع ، اي ان وضع كلمة زيد مقيد بالليل لا انها وضعت لزيد المقيد بالليل ، وهكذا بالنسبة الى وضع كلمة « عمرو ».
وفي نهاية كلامه ذكر قدسسره : يتجلى ان المتكلم لو استعمل كلمة « من » بدل كلمة « ابتداء » بان قال هكذا : سرت ابتداء البصرة ولم يقل : سرت من البصرة كان استعماله هذا استعمالا حقيقيا وفي المعنى الموضوع له ، اذ المعنى الموضوع له في كلمتي « من » و « ابتداء » واحد وهو مفهوم الابتداء وانما
__________________
(١) يقال : لاحظ هذا الشيء اي تصوره في ذهنك واوجده فيه.