اولا ثم الارادة ثانيا (١) وفي الدور الثالث يحكم المولى ويعتبر الحكم في ذمة المكلّف.
واذا اردنا استيضاح هذه الادوار اكثر امكننا مراجعة القوانين المدينة ، فان الدولة اذا ارادت اصدار قانون فاولا تلحظ المصلحة في تشريع القانون ، وبعد احرازها لذلك يحصل لديها ارادة نحوه ثم في الدور الثالث تأخذ بالحكم وجعل القانون ، وبتمامية هذه الادوار تعلن عن القانون في الصحف والجرائد ، ان الادوار الثلاثة الاولى هي التي تمثل ادوار مرحلة الثبوت ، والدور الرابع (٢) هو الذي يمثّل مرحلة الاثبات.
والذي نريد التحدث عنه الآن هو الدور الثالث ، وهو دور جعل الحكم المعبر عنه بالاعتبار ، ان جعل الحكم واعتبار الفعل في ذمة المكلف تعبيران مترادفان. وللاعتبار ثلاث خصائص هي :
أ ـ ان الحكم في عالم الثبوت وان كان بحاجة الى الادوار الثلاثة السابقة الاّ ان المهم منها هو الاولان ، فبدون المصلحة والارادة لا يكون للحكم حقيقة وروح ، فان روح الحكم وحقيقته تكمن في المصلحة والارادة ، واما الاعتبار فهو اجنبي عن ذلك ، ودوره دور العامل المنظّم والصياغي للحكم ، فالاعتبار صياغة للحكم ومنظم له وليس وجوده ضروريا في حقيقته.
ومن نتائج هذا الفرق بين الدورين الاولين والثالث ان العبد لو اطّلع على
__________________
(١) حذفنا كلمتي المفسدة والكراهية خوف التشويش ، ويعبر عن المصلحة والمفسدة بملاك الحكم ، كما ويعبر عن مجموع الدورين الاولين بمبادىء الحكم ، فاذا قيل مبادىء الحكم فالمراد المصلحة والمفسدة والارادة والكراهة.
(٢) اي الاعلان عن ذلك في الصحف والجرائد.