الإخبار ، لا كما زعمه التفتازاني في شرح التلخيص (١) ، وحروف الاستفهام الواردة لغير طلب الفهم كالتقرير والتوبيخ والإنكار ، وليس كما زعمه صاحب مغني اللبيب (٢).
فقال : « قد تخرج الهمزة من معناه الحقيقي فترد لثمانية أوجه » (٣).
ومن المضحك عدّه الاستبطاء منها ، وتمثيله له بقوله تعالى : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ )(٤) (٥) إذ من الواضح أنّ ليس معنى الهمزة وحدها ، بل هو معنى حرف الاستفهام الوارد على حرف الجحد ، الداخل على فعل يدلّ بمادته على القرب.
فإذا كان جميع ذلك معنى الهمزة فما ذا حبسه عن الجري على ذلك إلى آخر الآية ، ويجعل معنى الهمزة استبطاء خشوع قلوب المؤمنين لذكر الله تعالى؟ وبالجملة جميع ذلك وأشباهه الكثيرة قد نشأ عن الخلط بين الداعي إلى الاستعمال وبين نفس الاستعمال.
__________________
(١) انظر المطوّل : ٤٣.
(٢) هو الأستاذ جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام المصري الأنصاري الحنبلي النحوي المشتهر بـ ( ابن هشام ) صاحب كتاب مغني اللبيب المتداول بين أهل العلم في هذا الزمان المشتمل على ثمانية أبواب ، ولقد قال في وصف هذا الكتاب أحد الشعراء قصيدة بليغة لا مجال لنا في ذكرها بتمامها منها هذا [ البيت ] :
وما هي إلاّ جنّة قد تزخرفت |
|
ألم تنظر الأبواب منها ثمانية |
ولد في ذي القعدة سنة (٧٠٨) وتوفّي في ذي القعدة سنة (٧٦١) فكان عمره ثلاث وخمسين سنة.
( مجد الدين )
(٣) مغني اللبيب ١ : ٢٤.
(٤) الحديد : ١٦.
(٥) مغني اللبيب ١ : ٢٧.