معناها الشرعي بوضع لغوي ، أو عرفي ، أو بوضع شرعي لمعنى آخر ، فإنّ المتبادر منه أن يكون بمقتضاه الأوّل ، أو لأنّ الظاهر منه أن يكون الوضع سببا مستقلا في صحة الاستعمال ، وليس الأمر في المجاز كذلك ».
« وينبغي أن يعتبر قيد الحيثية في الوضع الشرعي ، فيخرج مثل لفظ الحسن والحسين عليهما السلام فإنه وإن كان لمسمّاهما تعلّق بالشرع لحكم الشارع بوجوب اتّباعهما ، والاعتراف بإمامتهما ، إلاّ أنه لم يضع اللفظين من حيث كونهما شارعا بمعنى أن لا مدخلية لكونه شارعا في التسمية ، بخلاف مثل لفظ الصراط والميزان والجنة والحساب ، بناء على أنها حقائق في معانيها الشخصية ، أو المخصوصة ، فإنّ لجهة الشرع مدخلا فيها ، لأنّ الغرض الداعي إلى وضعها ، إنما هو بيان آثارها الشرعية » (١) إلى آخره.
قلت : لعلّ الوجه في أخذه قيد الاستعمال في الحدّ ، ما قرّروه من أنّ اللفظ قبل الاستعمال لا يسمّى حقيقة ولا مجازا ، وفيه بحث ليس هذا موضع بيانه ، ولكن يمكن أن يحرّر البحث في وضع الشارع لهذه الألفاظ وعدمه.
فيقال : الحقيقة الشرعيّة هي الكلمة التي وضعها الشارع لمعانيها الشرعية ، ثم ينازع في ثبوتها وعدمه ، فيستغنى عن هذا القيد ، فيتأتّى النزاع ولو فرض عدم الاستعمال أصلا ، إلاّ أن يقال بعدم تحقق الوضع إذا لم يلحقه الاستعمال ، وقد مرّ القول فيه.
ثم إنّ ما ذكره في لفظ الصراط وغيره لا يتم إلاّ إذا كان المراد من الشرع جميع ما أتى به الشارع ولو في الأمور التي أخبر بها من المغيبات التي كشف عنها ، ولفظ الشرع لا يساعد عليه إلاّ أن يكون حقيقة شرعية ، ولا أعرف أثرا شرعيا ابتدائيا لهذه الألفاظ ، إلاّ أن يكون وجوب التصديق بمسمّياتها ،
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٤٢.