التربيع ، ولكن العقل يفكّكه في النّظر الثانوي ، ويفرّق بين الحدّ والمحدود.
وتبيّن من جميع ما ذكرنا ، أن المبدأ بشرط لا ، والمشتق لا بشرط ، وأنّ المصحّح لحمله على الذات ملاحظته لا بشرط ، لأنه إذا لوحظ هكذا ـ على ما عرفت ـ اتحد مع الذات ، وصحّ حمله عليها ، دون ما إذا لو حظ بشرط لا فإنه مباين معها ، ولا يكاد يتصور حمله عليها.
والسرّ فيه أنه إذا لوحظ الوصف فمجرّد عدم اعتبار عدم الذات يكفي في كونه عنوانا للذات ، ومتحدا معه بالاعتبار.
ثم إن صاحب الفصول ـ طاب ثراه ـ جعل مفاد المشتق باعتبار الهيئة مفاد ( ذو ) وحكم بعدم الفرق بين قولنا : ذو بياض ، وذو مال ، ثم قال : « فالفرق بين المشتق ومبدئه هو الفرق بين ذي الشيء والشيء » (١) انتهى.
ولو كان معنى الهيئة معنى ( ذو ) فلا شك أنّ مفاد ( ذو ) مفاد ( صاحب ) ، فكانت هيئته أيضا مرادفا له ، وكذلك إلى أن يتسلسل.
ويرد نظير هذا على القائل بأنّ المشتق ذات ثبت له المبدأ ، لأن المصحّح لحمل المبدأ على الذات لو كان معنى مصدريّا كالثبوت وأمثاله لاحتاج ذلك المعنى إلى معنى مصدريّ آخر ، يتسلسل أيضا.
فالتحقيق ما عرفت من أن معنى المشتق مفهوم بسيط منتزع من الذات ، بلحاظ تلبّسه بشيء من الأعراض ، سواء وضع له لفظ من المشتقات كضارب ، أم لم يوضع له كالحجر ونحوه ، انتهى ملخّص مرامه ، زاد الله في علوّ مقامه.
أقول : ما يذهب إليه السيد الأستاذ في معنى المشتق ، هو الّذي ذهب إليه صاحب الفصول بعينه ، فإنه قال في آخر كلامه ما لفظه : « فمدلول المشتق أمر
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٦٢.