الاعتقاد بالنفع مطلقا.
والثاني : أنها صفة نفسانية مطلقا ، وهذا القول منسوب إلى الأشاعرة.
والثالث : التفصيل بين إرادة الله سبحانه وبين إرادة غيره ، فالأولى هي الاعتقاد بالنفع ، والثانية صفة نفسانية غير الاعتقاد.
وقد جرى الاصطلاح على التعبير عن إرادة الله سبحانه بالعلم بالأصلح ، وعن إرادة غيره باعتقاد النّفع.
والوجه في العدول عن لفظ الاعتقاد إلى لفظ العلم واضح لأن الاعتقاد قد يخالف الواقع وهو مستحيل في حقه سبحانه ، بخلاف غيره.
والعدول عن لفظ النّفع إلى لفظ الأصلح ، فقد بيّنه بعض مشايخنا بما لا يخلو عن نظر ، بل منع ، ولعلّ في لفظ النّفع ظهورا مّا في الاحتياج والاستكمال المستحيلين في حقّه سبحانه ، فكان التعبير بالصلاح أقرب إلى التأدّب.
وكذلك الوجه في التعبير بصيغة التفضيل فقد بيّنه الأستاذ المذكور بما لا يخلو عن نظر أيضا ، والأمر في الاصطلاح سهل.
والحق هو القول الأول كما صرّح به المحقق الطوسي (١) ، والدليل عليه الوجدان ، فإنك إذا تأملت في أفعالك الاختيارية لا ترى نفسك قادمة على شيء منها إلاّ بعد اعتقادك النّفع فيه ، وبعد حصول الاعتقاد به لا ترى نفسك قادمة على شيء منها إلاّ وأنت مشغول بمقدّمات إيجاده من غير أن يفصل بين ذلك الاعتقاد وبين التشبّث بالمقدمات شيء مؤثر في حصول الفعل ، بل ولا تجد حاجة إلى ما تسمّيه صفة نفسانية ، إذ مجرّد ذلك الاعتقاد كاف في تحصيل الفعل ، وهو مقارن له من غير أن يفصل بينهما زمان ، أو يحتاج إلى شيء آخر ، صفة نفسيّة
__________________
(١) سلطان المحققين الخواجة نصير الحق والحقيقة والدين ، صاحب التجريد وشرح الإشارات وغيرهما من المصنفات. ( مجد الدين ).