ويقول : إذا فعلته أثبت عليه وأدّيت الواجب ، ويلزم القضاء مع ذلك (١) ، فكأنه كلام في غير مسألتنا هذه ، ولا يهمّنا تحقيق كلامه ، وعلى فرض إنكاره الإجزاء فليس أوّل عالم أنكر واضحا.
وكذلك لا ينافي الإجزاء ما سيأتي من إمكان تبديل الفرد الممتثل به ، وعدم سقوط الأوامر التعبديّة بالإتيان بها إلاّ مع قصد القربة بناء على عدم كونها شطرا للمأمور به ، ولا شرطا فيه لأن القائل بعدم حصول الغرض بدونه يقول بعود الأمر ثانيا لا سقوط الأمر الأول ، كما سيأتي تحقيقه.
وما ذكرناه لا يختص ببعض الأقسام المتقدمة ، بل يعمّ جميعها ، فمن كان فرضه الصلاة مع التيمم أو مع الطهارة المستصحبة إذا أتى بهما على وجههما فلا شك أنه لا يجب أن يأتي بهما ثانيا ، مع عدم تغيّر عنوان الحكم ، أعني ما دام غير متمكن من الماء ، أو شاكّا في بقاء الطهارة ، وإنما الكلام في كفاية كل من القسمين الأخيرين عن الأمر الواقعي بعد ارتفاع العنوان الّذي تقيّدا به ، كارتفاع الاضطرار فيما إذا أتى بالحكم الواقعي الثانوي ، أو ارتفاع الشك فيما لو أتى بموجب الحكم الظاهري ، فهاهنا مقامان :
الأول في إجزاء الحكم الواقعي الثانوي.
والثاني في كفاية الأمر الظاهري.
ولك التكلم في مقام ثالث : وهو كفاية الإتيان بالواقعي الأوّلي عن كل من الأخيرين ، إذ الحكم تختلف في مواردها ظهورا وخفاء ، بل إثباتا ونفيا.
وفي مقام رابع : وهو كفاية ما أتى به بمقتضى بعض الأصول العقلية عن الأحكام الواقعية.
وبالجملة فحاصل الكلام في المقام الأول يقع أولا في الأقسام المتصورة ،
__________________
(١) المستصفى من علم الأصول ١ : ٣٩٣ ، والإحكام في أصول الأحكام ١ : ٣٩٥ ـ ٣٩٦.