قوله : ( ما فاتتك من فريضة فاقضها كما فاتتك ) (١) ومن المعلوم عدم صدقه في المقام لا سيّما بعد ملاحظة وروده في مقام بيان الكيفية فقط.
نعم يصدق الفوت على الزيادة المترتبة على الفعل الاختياري ، ولا دلالة في الرواية على وجوب تدارك كل فائتة ، والمقدار المذكور ليس من الفرائض ، هكذا نقل عن الشيخ الأعظم طاب ثراه.
أقول : ولو فرضت صحّة الرواية المشهورة ، فالحال فيها كالحال في الرواية المأثورة ، إذ لا شك في أنّ المراد من الموصول فيها الفرض لا سيّما بقرينة لفظ القضاء ، لأنّ الظاهر منه العمل ، ومن سمج التعبير ـ فيما أرى ـ قول القائل : اقض المصلحة ، بل يقال : تدارك المصلحة ، ونحو ذلك ، فلو سلّم صدق لفظ الفوت عليها ـ كما ذكره ـ فلفظ القضاء لا يشملها ، وهي أيضا في مقام بيان الكيفية أيضا ، وهذا قرينة أخرى على أنّ المراد من الموصول خصوص الفعل.
وفذلكة المقام أنّ أدلة القضاء موضوعها فوت الفعل خاصة ، ولا فوت مع الإتيان بالبدل ، ولا شك في أنّ الأحكام الاضطرارية جعلت بدلا عن الأحكام الأوّلية ، لاشتمالها على مصلحة المبدل منها ولو على مرتبة ضعيفة ، ولا يحتمل أن يكون فقد الماء ـ مثلا ـ سببا لوجوب مستقل غير مرتبط بالتكليف الأوّلي كسببيّة كسوف الشمس لصلاة الآيات مثلا ، فتكون نسبة الصلاة مع التيمم إلى الصلاة مع الوضوء كنسبة صلاة الآيات إليها ، فبدليّة هذه الأحكام عن تلك ينبغي أن تعدّ من الواضحات التي يستدلّ بها لا عليها.
وبهذا يظهر المسامحة في عدّ الصورة الثانية المتقدمة في عداد الأقسام المتصورة للأحكام الاضطرارية ، فإنها ليس منها حقيقة ، وإذا ثبت كونها بدلا منها ، فلا معنى للبدليّة إلاّ قيامها مقام تلك ، وكون إتيانها إتيان تلك ، فمن أتى بالظهر
__________________
(١) عوالي اللئالي ٢ : ٥٤ ـ ١٤٣.