أهل الكتاب لم يؤمروا إلاّ بالتوحيد في عبادة الله سبحانه ، وعدم الشرك فيها ، وهذا مع وضوحه مما تدلّ عليه نظائرها في القرآن الكريم ، وكلام المفسّرين ، والروايات الواردة في تفسيرها.
ثانيها : قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(١) إذ الإطاعة واجبة بنفس الآية ، ولا إطاعة إلاّ بالامتثال (٢).
والجواب : أن لا معنى للإطاعة إلاّ عدم المعصية ، وهو تابع للأمر إطلاقا وتقييدا ، فيحصل في التعبدي بإتيانه بخصوص ما قصد به الامتثال ، وفي غيره بمطلق الإتيان.
وأيضا لو كان المقصود خصوص الأول لزم اعتبار قصد التقرب إلى الرسول وأولي الأمر في أوامرهما ، وهذا ممّا لا يقول به أحد.
ثالثها : ما ورد من قولهم عليهم السلام : « لا عمل إلاّ بالنيّة » (٣) و « إنما الأعمال بالنيّات » (٤) ونظائرهما.
وجه الاستدلال : أنّ المراد من العمل مطلق (٥) الأعمال ، ومن النيّة قصد القربة ، وحيث لا يمكن إبقاء النفي على ظاهره ، لبداهة تحقّق العمل بلا نيّة لا بدّ أن يحمل على نفي الأثر.
وأجاب الشيخ (٦) عنه أولا بما حاصله : منع كون المراد من الأعمال مطلق الواجبات ، بل خصوص العبادات منها ، واستشهد على ذلك بنظائرها الواردة في
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) ولا امتثال إلاّ بقصد القربة. ( مجد الدين ).
(٣) أصول الكافي ٢ : ٦٩ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ١٨٦ ـ ٥٢٠.
(٤) التهذيب ٤ : ١٨٦ ـ ٥١٨ و ٥١٩.
(٥) والدليل على كون المراد مطلق العمل أنّ الأعمال جمع محلّى ، والعمل مفرد محلّى ، والأوّل عام بلا ريب ، والثاني كذلك لقيام القرينة على إرادة العموم منه في أحاديثنا. ( مجد الدين ).
(٦) الشيخ مرتضى الأنصاري المتقدم ترجمته. ( مجد الدين ).