المتعلّقة بمشروطاتها.
وأيضا لا يستحق فاعلها الثواب ، ولا تاركها العقاب ، وإن شئت قلت : لا إطاعة لها ، ولا عصيان إلاّ بإطاعة ذي المقدمة وعصيانه.
وما ورد في الكتاب والسنة من الثواب على بعض المقدّمات كالآيتين الشريفتين من أواخر سورة التوبة (١) والأخبار الواردة في الثواب على الأقدام الّتي تخطى بها إلى زيارة سيّدنا الحسين عليه السلام ، ونحو ذلك ، فلا يخلو الأمر فيها من أن يكون ذلك لمجرّد الفضل من الله سبحانه لا للاستحقاق العقلي ، والفضل بيده تعالى لا يعدّ ولا يحدّ ، أو يكون على ذي المقدمة ولكن بيّن ذلك بتوزيعه على المقدّمات.
والسّبب فيه أنّ الثواب على الفعل يختلف باختلاف صعوبة المقدّمات ، وسهولتها ، وكثرتها ، وقلّتها ، فكلّما كانت المقدّمات أكثر أو أصعب كان الثواب على نفس الفعل أكثر ، إذ ( أفضل الأعمال أشقّها ) (٢) ولا يمكن بيان هذا بأحسن من التوزيع المذكور ، أو تكون تلك المقدّمات مأمورة بها نفسا دعت إليها أهميّة الغرض الحاصل منها كما عرفت إمكانها ، ولهذا ورد الثواب على الأقدام عند الرجوع من الزيارة ، مع أنها ليست بمقدّمات مقرّبة إلى المطلوب ، بل هي مبعّدات عنه.
هذا ، ولا يخفى أنّ أكثر المذكورات في الآيتين ليس من باب الثواب على
__________________
(١) الآية الأولى : ( ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) ، والآية الثانية : ( وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) [ التوبة : ١٢٠ و ١٢١ ] ( مجد الدين ).
(٢) النهاية لابن الأثير ١ : ٤٤٠ ، مجمع البحرين ٤ : ١٦ ( حمز ).