على التعلّم وعلى تركه ، ولا مصلحة لك فيه إلاّ أن ترشّحه لمباشرة الدّفاتر ، ثم تأمره بها ، وتارة تأمره بها ابتداء فيجب عليه التعلّم لوجوبها ، والغرض في الصورتين واحد ، والأمران مختلفان ، وما نشأ الاختلاف إلاّ من الّذي نبّهناك عليه.
وأما التقسيم إلى الأصلي والتبعي فإن كان لا بدّ منه (١) ، فليكن الأصلي ما فهم وجوبه بخطاب مستقل ، والتبعي ما فهم وجوبه تبعا لخطاب آخر ، والفرق بين هذا التقسيم وبين التقسيم الأول : أنّ هذا تقسيم في مقام الإثبات ، والأول في مقام الثبوت.
وعليه (٢) فيتصوّر القسمان في الواجب النفسيّ ، ويختص الغيري بالتبعي إلاّ أن يكون الخطاب بالمقدّمة أصليّا لغرض الإرشاد ، وبيان المقدّمية.
هذا ، ولكن الّذي يظهر من الشيخ الأعظم تفسير الأصلي بما فسّرنا به الغيري ، والظاهر المصرّح به في كلام بعض الأساطين (٣) أنه لم يثبت اصطلاح لهم في هذا التقسيم ، فلا ينبغي صرف الوقت في الاصطلاح الّذي لا مشاحّة فيه.
وبما عرّفناك من حقيقة الأمر في الأمر الغيري ، تعرف أنه لا يمكن أن يكون محرّكا نحو الفعل ، ولا داعيا إليه ، لأنه إن كان مريدا لذي المقدّمة فهو مريد لها بالضرورة وإن لم يتعلّق بها أمر أصلا ، وإلاّ فلا يعقل إتيانه ولو تعلّق بها ألف أمر.
ولهذا (٤) وقع الإشكال في المقدّمات العباديّة بناء على تفسير القربة بقصد الأمر ، وانحصر التخلّص عنه بالالتزام بكونها محبوبات ذاتية ، أو بقصد الأوامر
__________________
(١) إشارة إلى عدم لزوم هذا التقسيم ، وعدم ترتب فائدة مهمة عليه. ( مجد الدين ).
(٢) أي بناء على هذا. ( مجد الدين ).
(٣) الظاهر أنّ هذا البعض هو الشيخ حبيب الله الرشتي صاحب البدائع تلميذ شيخنا الأنصاري المتقدم ترجمته. ( مجد الدين ).
(٤) أي ولأجل عدم إمكان كون الأمر الغيري محرّكا نحو الفعل ، ولا داعيا إليه. ( مجد الدين ).