كما لو أمر بإتيان زيد فجاء مع عمرو ، والواجب على الأول أمر واحد لا معنى للقول بأنه يجب المطلق مقدّمة للمقيد ، بخلاف الثاني ، فيجب إيجاد ذات المطلق ثم إيجاد القيد ، ليتصف به المقيّد ، وقيد الإيصال من القسم الثاني فيجب إيجاد المطلق أعني ذات المقدّمة ، ثم إيجاد القيد ليتصف به المقيّد » (١) انتهى.
ويمكن أن يقال (٢) : إنّ قيد الإيصال وإن كان من القسم الثاني ولكنه فرق بينه وبين المثال المذكور في كلامه ، إذ المقدّمة ليست مقيّدة بغيرها من أخواتها ، بل كلّ مقدّمة مقيّدة بنفس الواجب ، فلنفرض لإيضاحه واجبا ليست له إلاّ مقدّمة واحدة ، أو المقدّمة الأخيرة لأحد الواجبات ، فتلك المقدّمة واجبة بنفسها بالوجوب الغيري ، وقيدها واجب بالوجوب النفسيّ ، والإيصال ليس بقيد مستقلّ مغاير مع إتيان الواجب ، إذ لا معنى له إلاّ إتيان الواجب ، فليس المقيّد ـ إذن ـ إلاّ ذات المقدمة بقيد لحوق الواجب به.
فحينئذ ، نسأل هذا المعترض عن الفساد الّذي يترتّب على ذلك ، فإن كان لزوم كون الواجب مقدّمة لمقدّمته فقد عرفت الجواب عنه ، وإن أراد غيره فهو عين مدّعى القائل بوجوب خصوص الموصلة ، إذ المقيّد وهو ذات المقدّمة واجب بالوجوب الغيري ، وقيده واجب بالوجوب النفسيّ ، فيجب الإتيان بها بالوجوب الغيري مقدّمة لحصول القيد ، أعني الواجب ، وهذا عين ما يدّعيه ، فأين الاعتراض عليه؟ وهذا المقام يحتاج إلى مزيد تأمّل.
وأما اعتبار لحاظ الإيصال في وقوعها على صفة الوجوب من غير أن يكون قيدا فيها فهو الحقّ الّذي لا معدل عنه ، ولا مناص عن الذهاب إليه ، وكان السيد الأستاذ ـ طاب ثراه ـ يعتمد عليه ، وينقله عن والدي العلاّمة.
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٧٧
(٢) أي : ويمكن أن يقال في الجواب ( مجد الدين ).