وحاصله : أنّ الطلب يتعلّق بالمقدّمات في لحاظ الإيصال بمعنى أنّ الآمر بعد تصوّر المقدّمات بأجمعها يريدها بذواتها ، وتلك الذوات بهذا اللحاظ (١) لا ينفك عن الإيصال ، وترتب المطلوب النفسيّ عليها ، ولو فرض لحاظه (٢) مقدّمة منفكّة عن سائر أخواتها لم يكن مريدا لها ، لأنها وإن كانت بذاتها موردا للإرادة ولكن مطلوبيّتها في ظرف ملاحظة سائر المقدّمات معها ، ولم يكن كلّ واحدة منها مرادة على نحو الإطلاق بحيث تسري الإرادة إلى صورة انفرادها ، وهذا الوجه يتحد في النتيجة مع القول بالموصلة ، ولا يرد عليه شيء من الاعتراضات السابقة.
هذا حاصل ما استفدنا منه ـ أحسن الله إليه ـ ولكنه يحتاج إلى توضيح ومزيد بيان ، إذ لقائل أن يقول : لا تتعقل مرتبة بين الإطلاق والتقييد (٣) ، ولازم عدم التقييد كفاية المطلق ، فتقع على صفة الوجوب وإن لم تكن موصلة ، وستعرف منّا ـ إن شاء الله ـ في أثناء البحث عن مقام الإثبات ما يزيح كلّ شك وريب ، ويصونه عن كل وصمة وعيب.
وأما الكلام في مقام الإثبات ، فملخّص القول فيه أنّ الغرض من المقدّمة إن كان مجرّد إمكان الواجب الأصلي من ناحيتها بعد ما كان عدمها يوجب العدم فلا وجه للتقييد بالموصلة ، إذ هذا الغرض يحصل بغيرها فلا وجه للتخصص بها.
وإن كان الغرض ترتّب الواجب عليها فلا شك في أنها مع تجرّدها عن الإيصال لا يتعلّق بها الغرض ، فلا يمتثل بها الأمر ، والحكم في هذا المقام للوجدان وحده.
ومن الطريف أنّ كلاّ من الطائفتين يستدل به على معتقده ، ويصول به على خصمه.
__________________
(١) أي لحاظ الإيصال ، وقيل : أي بتصوّر المقدّمات بأجمعها. ( مجد الدين )
(٢) يعني لحاظ الآمر. ( مجد الدين )
(٣) أي الإطلاق بالنسبة إلى قيد الإيصال والتقييد به. ( مجد الدين ).