الاشتغال بالضدّ ومحبوبيّة تركه إن أتى بالأهمّ ، والعقاب على تركه فلا تجدي الحيلة الأولى ، والثانية مثلها ، أو أقل جدوى لذلك بعينه منها.
هذا وينبغي التأمّل في وجه ما ذكره من أنّ إتيان المهمّ يذهب ببعض ما استحقّه من العقوبة على ترك الأهم ، فهل ذلك لخصوصية يراها في المقام ، أم هو بناء منه على مسألة تكفير مطلق المعاصي بمطلق الطاعات ، أو الموازنة بينهما ، كما هو ظاهر كلامه في حاشية رسالة البراءة ، قال :
« يستحق بذلك مقدارا من الثواب فيقابل مقدارا ممّا استحقّه من العقاب » (١).
فإن كانت الأولى فهي لا تناسب إلاّ المتزاحمين المشتركين في المصلحة ، وأكثر موارد المسألة ليست من هذا القبيل كالمثال المشهور ، وأين مصلحة الصلاة من مصلحة الإزالة الراجعة إلى المفسدة في بقاء النجاسة في المسجد؟
وإن كان الثاني فجميع العبادات تشارك الضدّ في قابلية التكفير ولو لم تكن مزاحمة للأهمّ كتلاوة القرآن ونحوها.
عاد كلامه : « ثم إنه لا أظنّ أن يلتزم القائل بالترتّب بما هو لازمه من الاستحقاق في صورة مخالفة الأمرين لعقوبتين ، ضرورة (٢) قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد ، ولذا كان سيدنا الأستاذ ـ قدس سرّه ـ لا يلتزم به على ما هو ببالي ، وكنّا نورد به على الترتّب وكان بصدد تصحيحه » (٣).
أقول : الأمر بكل من الضدّين عند القائل بالترتب أمر مولويّ فعلي ، ومن شأن هذا الأمر استحقاق العقاب على عصيانه عقلا ، كما من شأنه الثواب
__________________
(١) حاشية فرائد الأصول للآخوند الخراسانيّ رحمه الله : ١٦٧.
(٢) أي بداهة. ( مجد الدين ).
(٣) كفاية الأصول : ١٣٥ ـ ١٣٦.