قوم ، واكتفى آخرون بأحدهما ، منهم الشيخ الإمام ـ الجدّ (١) ـ ولكنه شرط في العلوّ عدم ملاحظة خلافه باعتبار نفسه مساويا للمأمور أو أدنى منه ، قال طاب ثراه وهذا لفظه :
« والّذي يدلّ عليه ملاحظة العرف ، أما صدقه مع الاستعلاء وإن خلا من العلوّ فلظهور صدق الأمر بحسب العرف على طلب الأدنى من الأعلى على سبيل الاستعلاء ، ولذا قد يستقبح منه ذلك ، ويقال له : ليس من شأنك أن تأمر من هو أعلى منك.
وأما الاكتفاء بالعلوّ الخالي عن ملاحظة الاستعلاء فلأنّ من الظاهر في العرف إطلاق الأمر على الصيغ الصادرة من الأمير إلى الرعيّة والسيّد بالنسبة إلى العبد وإن كان المتكلم غافلا عن ملاحظة علوّه حين الخطاب كما يتفق كثيرا.
وممّا يشير إليه انحصار الطلب الصادر من المتكلم في الأمر والالتماس والدعاء ، ومن البيّن عدم اندراج ذلك في الأخيرين فتعيّن اندراجه في الأول.
والحاصل : أنهم يعدّون الخطاب الصادر من العالي أمرا إذا لم يخفض نفسه ، وليس ذلك من جهة استظهار ملاحظة العلوّ ، لظهور صدقه مع العلم بغفلته أو الشك في اعتباره بملاحظة خصوص المقام.
وقد يخلو المقام عن ملاحظة الاستعلاء قطعا ، كما إذا رأى السيّد أحدا وشكّ في كونه عبده أو رجلا آخر مساويا له أو أعلى ، فطلب منه شيئا بصيغة الأمر ، فإنّ الظاهر عدّه أمرا إذا كان عبده بحسب الواقع ، ولذا لو عصى العبد مع علمه بكون الطالب مولاه عدّ في العرف عاصيا.
وأما عدم صدقه مع استخفاض العالي نفسه بجعلها مساوية مع المخاطب
__________________
(١) ذكره في بحث الأوامر ، وحيث قد فاتنا تفصيل القول هناك تداركناه في هذا البحث ، وظاهر عدم الفرق بين الأمر والنهي من هذه الجهات. ( منه ).