« نعم يجري عليه حكم المعصية في تلك المدّة على تقدير الخروج » (١) من قول المقرّر : « مأمور به ولكنه معصية » إلى آخره؟.
ولو لا علمنا بتقاه وتورّعه عن التعمد لتسارع الظنّ إلى أنّه لم يغيّره إلاّ ليكون توطئة للاعتراض الآتي ، وهو عدم إمكان اجتماع الحكمين في زمان واحد.
وأين ـ أيّها المنصف ـ كون الفعل جاريا عليه حكم المعصية من كونه معصية؟ ونحن ـ إن شاء الله وسهّل ـ ننقل من كلامه الّذي يتعلّق بالمقام بألفاظه ، ونثنّيه بملخّص اعتراضات المعترضين ، ونثلّثه بالنظر فيها والجواب عنها.
قال مستدلا على مختاره ما نصّه : « لنا أنّ المكلف في الزمن الّذي لا يتمكن من الخروج فيما دونه لا يتمكن من ترك الغصب مطلقا فلا يصح النهي عنه مطلقا ، إذ التكليف بالمحال محال عندنا وإن كان ناشئا من قبل المكلّف للقطع بكونه سفها.
نعم ربما يجوز أن يؤمر به حينئذ على وجه التعجيز والسخرية ، لكنّه خارج عن المتنازع فيه ، فإذن لا بدّ من ارتفاع النهي عن الغصب في تلك المدّة على بعض الوجوه ، وليس إلاّ صورة الخروج ، إذ لا قائل بغيره ، ولدلالة العقل والنقل على أنه مأمور بالخروج ، وهو يقتضي عدم النهي عنه ، وإلاّ لعاد المحذور من التكليف المحال.
نعم ، يجري عليه حكم المعصية في تلك المدّة على تقدير الخروج بالنسبة إلى النهي السابق على وقوع السبب ، أعني الدخول لتمكنه منه حينئذ.
وهذا حكم كلّي يجري في جميع ذوات الأسباب التي لا تقارن حصولها حصول أسبابها كالقتل المستند إلى الإلقاء من الشاهق.
ومثله ترك الحج عند الإتيان بما يوجبه من ترك المسير ، وغير ذلك ، فإنّ
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ١٣٨.