الشمس علم أنّه عليه السلام بيّن فساد هذا الصوم بأحلى عبارة في ذوق أهل الفضل ، وسلك في أحسن مسالك الفصاحة وأنه من قبيل قول الشعبي لمن سأله عن الصلاة خلف الحائك : يجوز من غير وضوء.
ولو ادّعي القطع على أنه لم ينطبق عليه عنوان آخر سوى العنوان المبيّن المعلوم ، وهو التشبّه بأعداء الله ونحوسته الحاصلة بوقوع الحادث العظيم فيه لكان في محلّه.
ولو حلف حالف على أنّ النهي متعلّق به في الحقيقة ـ لا بالعرض والمجاز ـ نهيا مولويّا لا إرشاديّا لم يكن حانثا.
نعم لو لا انطباق هذا العنوان الّذي لا ينفك عنه لكان كسائر الأيام ، بل ولعلّه كان مستحبا.
وهذا أحسن جمع بين النهي الوارد عن صومه وبين أكثر الأخبار الواردة في فضله ، فيقال : إنه كان مستحبا مؤكّدا قبل يوم الطف ، وبعده لزمه عنوان فساد لا يزول ، ومفسدة لا تقوى لها ألف مصلحة.
وقد اعترفوا بمواظبة الأئمة على تركه ، ونهيهم الشيعة عنه ، وجعلوه من باب أرجحيّة الترك.
ولا يخفى أنّ الأرجحيّة لا توجب ترك المرجوح ، ولا نهي الشيعة عن فعله ، بل عهدناهم ـ والسلام على جميعهم ـ يأتون بصنوف العبادات راجحها ومرجوحها ، ويأمرون شيعتهم بجميعها.
وببالي ورود النهي عن الترك الدائم للمرجوح بتعليل أنّ لكلّ عمل حقّا ، أو ما يقرب منه ، يراجع.
ولو كانت الأرجحيّة توجب ترك الراجح والنهي عنه لوجب أن لا يقرأ من القرآن إلاّ سورة التوحيد ، وينهى عن قراءة غيره ، وعن إتيان الفرائض في غير المساجد بل وعن المساجد إلاّ المسجد الأعظم.