ثم إنّ التصريح بالفساد قد يكون بلفظه نحو : نكاح الشغار باطل. وقد يكون بما هو أبلغ وأفصح ، أعني بنفي الآثار كقولك : من صلّى بلا طهور أو على غير قبلة فليعد صلاته.
وصاحب الفصول وإن ذكر التخصيص بصيغة النهي في أول كلامه ، فعاق ذلك هذا الفاضل عن التأمل في حقيقة مرامه ، لكن أوضحه بقوله : « نعم لو استند التحريم إلى العقد فقيل : يحرم عقد كذا كان من مسألة الباب » (١).
فهل مع هذا التصريح يبقى موقع لتوهّم الخصوصيّة في صيغة لا تفعل؟ أوليس ذلك مبيّنا لإجمال قوله : وفيما يجري مجراها (٢)؟ وأنّ مراده عدم دخول الآية الشريفة وما جرى مجراها في مسائل الباب ، لأنه من التصريح بالفساد بلسان نفي الآثار.
فإن كانت المؤاخذة على كلّي الحكم ، ودعوى أنّ مع التصريح بالفساد يجري فيه النزاع فهذا توهّم يجلّ عنه هذا المحقق الفاضل ومن هو دونه.
وإن كانت على كون الآية منها ومنع كونها من باب التصريح بالفساد ، فالحكم فيه ما ذكره المحقّقون في باب المجمل والمبيّن من أنّ تعلّق التحريم بالأعيان يراد منه نفي الأثر المقصود منه كالأكل في المأكول ، والشرب في المشروب ، فنحو : يحرم الأرنب والخمر ، صريح في حرمة أكل ذاك وشرب هذه.
وكذلك تحريم الأمّهات وسائر من تضمّنته الآية ، المراد منها حرمة الاستمتاع والنكاح قطعا ، وهو ـ كما قال ـ تصريح بالفساد بالتصريح بنفي الآثار.
نعم ، نحو : يحرم عقد كذا ، داخل في النزاع من هذه الجهة ، لأنّ متعلّقة
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ١٤٠.
(٢) الفصول الغرويّة : ١٤٠.