خارجة عن الحدّين لعدم كونها لفظيّة.
ولهذا بعينه ليس منهما دلالته على الأمر بالمقدّمة والنهي عن الضدّ. وتعرف ـ إن تأمّلت ـ عدم ورود سائر ما أوردوه على ما ذكرناه ، وأنه لا حاجة إلى تلك التطويلات المملّة ، ولا إلى الأحجية بإتيان لفظ ( المحلّ ) المخلّ بالمقصود في الحدّ المشهور : ما دلّ عليه اللفظ في محل النطق ، ولا إلى البحث عن لفظ ( ما ) الواقعة فيه.
وما ذكرناه فرقان بين الداخل والدخيل فيهما ، فقد توسع في المنطوق حتى دخل فيه استفادة أقلّ الحمل من الآيتين (١) الكريمتين.
وأين من المنطوق استفادة حكم من آيتين متفرّقتين غير ناظرة إحداهما إلى الأخرى؟ وهو حكم لا يهتدي إليه إلاّ الألمعي (٢) الفطن بعد ضرب من الاجتهاد.
وكذلك استفادة علّية الوقاع للكفّارة في قوله عليه السلام : « كفّر » بعد قول السائل : واقعت أهلي في نهار شهر رمضان (٣) ، فإنه ليس ممّا دلّ عليه اللفظ بأحد أقسامه الثلاثة ، بل هو أمر استفيد من الخارج وهو أنه لو لم يكن علّة له لاستبعد اقترانه به ، إلى غير ذلك ممّا يظهر لك خروجه عن حدّ المنطوق بما أوضحناه من أن المناط فيه الدلالة اللفظية : المطابقة والتضمن والالتزام بالمعنى الأخصّ.
وتوسّع في المفهوم حتى عدّ منه التعريض الّذي هو من دواع الاستعمال كالتعجيز والتهكّم ، لا أنه مدلول اللفظ.
__________________
(١) الآيتان : ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) [ الأحقاف : ١٥ ] ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) [ البقرة : ٢٣٣ ] حيث إنه يستفاد منهما كون أقل الحمل ستة أشهر مع أنه غير مقصود في الآيتين لأن المقصود في الآية الأولى بيان تعب الأم في الحمل والفصال ، وفي الآية الثانية بيان أكثر مدّة الفصال.
(٢) الألمعي : الذكي المتوقد. القاموس المحيط ٣ : ٨٢ ، الصحاح ٣ : ١٢٨١ ، مجمع البحرين ٤ : ٣٨٨ ( لمع ).
(٣) الحديث مروي عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام.
راجع الكافي ٤ : ١٠٢ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٧٢ ـ ٣٠٩ ، التهذيب ٤ : ٢٠٦ ـ ٥٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٨١ ـ ٢٤٥.