عليه (١).
وزعم بعضهم أنه من القياس ، وهذا غلط من زاعمه لأن القياس إلحاق ما لا دليل عليه في الحكم بما يدل عليه الدليل ، وقد جعله العاملون بالقياس أحد شرائطه ، بل قال بعضهم : إن مع شمول الدليل لا يتحقق موضوع القياس.
وأين ذلك من هذا المفهوم؟ وهو ظهور لفظي هو أقوى من ظهوره في المنطوق بدرجات كما في آية التأفيف (٢) ، ونظائرها الكثيرة.
ولهذا يقول به من ينكر مطلق القياس حتى بالأولويّة كالشريف المرتضى ، وقد قال بعد إنكار حجّية القياس بالأولويّة ، ما لفظه :
« فإن قلت : إذا أبطلت قياس الأولويّة فكيف يمكنك استفادة تحريم الضرب وباقي أنواع الأذى من الآية ».
« قلت : إنّ القرآن إنما أنزله الله تعالى بلغة العرب ، وأجراه على مقتضى محاوراتهم واصطلاحاتهم ».
وكلّ أحد يعلم من تتبع كلامهم أن فيه الدلالة اللغويّة والعرفية والمطابقة والتضمن والالتزام ، وحينئذ فمثل قوله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ )(٣) إذا صدر من آحاد العرب لا يكون الغرض منه إلاّ شمول جميع أنواع الأذى من الضرب وغيره ، وناهيك شأن هذا الإمام الأقدام المقدّم في علوم الدين.
واعلم أنه كثيرا ما يؤتى بالجملة توطئة لمفهوم الموافقة والمبالغة فيه ، كما تقول : إن نقصت شعرة من رأس زيد أسقطت رأسك من بدنك ، وعليه فاستفادة حرمة التأفيف من الآية محلّ تأمّل ، وكذلك في موارد كثيرة.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٢٨٠.
(٢) الإسراء : ٢٣.
(٣) الإسراء : ٢٣.