المفهوم بقوله تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ )(١) مقرّرا ذلك بأنّ تأثير الشرط إنما هو تعليق الحكم به ، وليس يمنع أن يخلفه وينوب عنه شرط آخر يجري مجراه ، ولا يخرج عن كونه شرطا (٢).
وبالجملة ، إن ثبت مفهوم للشرط فليس لوضع ( إن ) وسائر حروف الشرط لذلك ، بل يثبت من التعليق الّذي دلّت أداته عليه ، فالأدوات تدلّ على التعليق ، والتعليق يدلّ على المفهوم ، ولا يختصّ فهم التعليق بها ، بل يفهم بأيّ لفظ ، وبأي دليل ثبت يجري فيه النزاع.
ولذا يجري في الظروف المبنيّة والأسماء المتضمّنة لمعنى الشرط نحو : ( متى ) و ( كلّما ) وفي لفظ الشرط وما اشتقّ منه ، كقولك : الشرط في إكرام ( زيد ) مجيئه ، أو مشروط إكرامه به ، وفيما ثبت من جهة قيام شاهد عليه ، كما في قولك : الّذي يزورني فله درهم ـ راجع الهداية (٣) ـ بل يثبت حيث لا لفظ كما في إشارة الأخرس.
إذا تقرّر ذلك ، نقول : إنه لا شك في ظهور التعليق في اختصاص الحكم إذا لم توجد نكتة صالحة لدفع اللغو والقبح عن كلام المتكلّم ، ولم يقم [ دليل ] قاطع ينافي الظاهر إذ التخصيص بالشرط لا بد له من باعث صالح يدعو إليه.
ألا ترى أنه من القبيح السمج : اقتل ولدي إن شرب الماء أو تنفس
__________________
(١) البقرة : ٢٨٢.
(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة ، القسم الأول : ٤٠٦.
(٣) هداية المسترشدين : ٢٨٧.