فعلى هذا لا يرد شيء ممّا أورده على الشهيد رحمه الله ولا يبقى موضع للتأمّل إلاّ في وجه الفرق بين المقامين ، وهذا أمر آخر.
ولعلّ الوجه فيه أن في الأحكام الكلّية وغيرها يمكن أن يقوم سبب آخر أو شرط كذلك مقام المذكور لحكم مماثل كقيام المجيء مقام الإكرام في قوليك : أكرم زيدا إن أكرمك ، و [ أكرم زيدا ] إن جاءك ، بخلاف المقام لما ذكروه من عدم قابليّة المحلّ.
أو الوجه أنّ في الأوقاف والوصايا ونحوهما توجد قرائن قطعيّة على أنّ الواقف والموصي في مقام بيان تمام الموضوع ، ومعه لا يبقى موقع للشك.
ويكفي لدعوى الاتفاق أنه لو أنكر الواقف الاختصاص ، أو ادّعى غير المذكورين الإطلاق لا يسمع منهم ذلك سواء كان منكرا للمفهوم أو مثبتا له.
وبهذا تجد السبيل إلى حلّ الإشكال الّذي ابتدأ به وتبعه فيه كلّ من تأخّر عنه واختلفوا في تقريره ، بل أوردوا على الشيخ الإمام ما لا يرد عليه ، كما يأتيك إجمال القول فيه عند التعرّض لكلام أخيه العلاّمة في المبحث الآتي ، وتفصيله ـ إن قدّر الله وشاء ـ عند التعرض للتنبيهات المتعلّقة بالمفاهيم.
وفذلكة القول : إنّ هذا الإشكال إنّما يتوجّه على من يرى القول بالمفهوم من باب إنشاء آخر لموضوع آخر ، ولا يتوجّه على ما علمت من إنشاء واحد.
بقي شيء وهو أنّ جماعة شرطوا في مفهوم الوصف أن لا يكون الوصف واردا مورد الغالب كقوله تعالى : ( وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ )(١) (٢)
__________________
(١) النساء : ٢٣.
(٢) ها هنا جفّ قلمه الشريف في مبحث المفاهيم ولم يطبع هذا المبحث في الطبع الحجري لهذا الكتاب.