عدة أقسام من الحدود ، وذلك لأنّ الظاهر من مقاصده أنه يرى التشديد في مجازاة الفواحش من الكبائر ، فيجعل حدّها القتل والرجم ، ومع ذلك لا يجب (١) كثرة إقامته ، ولهذا يحكم بسقوطه بالتوبة قبل الثبوت ، ويدرؤه بشبهات لا تدرأ بمثلها في غيره ، ويحكم بعدم إرجاع المرجوم إلى الحفرة إذا كان ثبوت موجبه عليه بالإقرار ، وليس هذا كلّه إسقاطا للطريق عن اعتباره ، بل حكم بلزوم تعدّد الطريق لمصالح اقتضت ذلك.
وبالجملة ، لا يوجد طريق أو أمارة شرعية إلاّ وهي عرفية عقلائية ، حتى القرعة ـ بناء على أنها أمارة ـ ليست سوى الاستشارة التي هي من أهمّ ما يعتمدون عليه في مجهولاتهم ، وهم يعرفون كيفيّتها إذا استشاروا المخلوقين ، وحيث إنّ استشارة ربّ العالمين أمر لا تبلغه عقولهم بيّنها لهم الشارع بالكيفية المأثورة عنه.
هذا أهمّ الطرق الشرعية ، أعني الخبر الواحد ، والبحث عن حجّية أهمّ مسائل هذا الباب ، وسوف تمرّ بك من الأدلة عليها ضروب كثيرة ، وليس فيها ما يدلّ على تعبّد من الشارع بالمعنى الّذي يدّعيه بعضهم ، بل جميعها إمضاء لطريقة العقلاء ، وأمر بالسير على محجّتها الواضحة ، فآية النبأ (٢) بمنطوقها نهي عن التسرّع إلى إصابة قوم بلا حجّة ، وبمفهومها أمر بالعمل بما يخبر به العادل بلا تثبّت وتبيّن ، لا بعنوان التعبّد منه تعالى ، بل بالإرجاع إلى الفطرة ، وبيان أنّ العاقل لا يقدم على إصابة قوم بلا حجّة ، كما لا يتوقّف عنه معها ، فيستفاد منها حجّية خبر العادل دون الفاسق ، وليس الإجماع المدّعى في المقام إلاّ ضغثا من إجماع كافة العقلاء في جميع الأزمنة على العمل بخبر الثقة.
وقول عبد العزيز بن المهتدي له عليه السلام : أفيونس بن عبد الرحمن
__________________
(١) كذا في الأصل ، والأنسب بالعبارة : لا يوجب.
(٢) الحجرات : ٦.