نعم احتمل اعتبار شرائط الشهادة فيه ، فقال : « المتيقّن من هذا الاتفاق هو الرجوع إليهم مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد ، والعدالة ، ونحو ذلك ، لا مطلقا ، ألا ترى أنّ أكثر علمائنا على اعتبار العدالة فيمن يرجع إليه من أهل الرّجال ، بل وبعضهم على اعتبار التعدّد ، والظاهر اتّفاقهم على اشتراط التعدّد والعدالة في أهل الخبرة في مسألة التقويم وغيرها » (١).
أقول : اعتبار العدالة ونحوها لا يناسب إلاّ الحجّة التعبّدية الشرعية ، وحمل اتّفاق العلماء على ذلك.
واحتمال وصول خبر إليهم من المعصومين في المقام مقطوع بعدمه ، بل المقطوع به أنّ مراجعتهم أهل اللغة ليس سبيلها إلاّ سبيل سائر العقلاء في مراجعة المعتمد عليه في كلّ حرفة وصناعة.
ومن الظاهر أنّه لا يشترط عندهم بعد إحراز الخبرة إلاّ الوثوق ، ولا يعتبر عندهم الإسلام والإيمان ، فضلا عن العدالة ، بل يقدّمون الكافر على المؤمن العادل إذا كان أكثر خبرة ، وأنفذ بصيرة في صنعته ، وترى العقلاء يطول بحثهم عن الطبيب الحاذق الموثوق بحذاقته ، ولا ترى فيهم من يسأل عن مذهبه ومعتقده ، فضلا عن حاله في فسقه وعدالته ، واعتبر ذلك في سائر الموارد التي يحتاجون فيها إلى أهل الخبرة من معرفة الدراهم الجيّدة من المزيّفة ، وتميز الأدوية النافعة من الضارّة ، فلا ترى من يتوقّف عن الرجوع إلى الصيرفي أو الصيدلاني لكونه ذمّيا ، فضلا عن كونه مسلما فاسقا.
واعتبار الإسلام فضلا عن العدالة ينافي ما عرفت من حكم الفطرة التي انقاد له العقلاء ، وإنّما يكون في الطرق التي تصرّف فيها الشارع لحكم مرّ بعضها قريبا ، ومن الواضح أنّ المقام ليس منها.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٦.