عقاب ، فما ذا الّذي نقمه من هذا القول وقد قال بمثله ، وبلغ في المبالغة فيه إلى حدّ لم يصل إليه هذا القائل ، حيث جعل الظن غير المعتبر شكّا بالحمل الشائع.
هذا وأما الإجماع الّذي ادّعاه فيحقّ لنا أن نسأل عنه ونقول : هل هو محصّل أو منقول؟ فما طريق تحصيله إن كان محصّلا؟ ومن الناقل له إن كان منقولا؟ ومن الطريف جدّاً أنّ الإجماع على عدم جواز العمل بالقياس في نفس الأحكام الشرعية حال الانسداد ممّا ينكره مثل المحقق القمي (١) ، ويجعله الشيخ أول الأجوبة عن إشكال خروج القياس (٢) ، مع تلك التصريحات الكثيرة من أئمة العلم ـ قديمهم وحديثهم ـ بإجماع الشيعة على بطلانه ، وتركهم كتب مثل الإسكافي أحد السلف الّذي عزّ في الخلف مثله ، ومع تواتر النصوص الواردة في بطلانه ، ثم يدّعي الإجماع على عدم الجواز في تعيين الطريق به الّذي لم يصرح به أحد ، ولا جاء فيه خبر واحد ، ولم يوجد إلاّ في صحيفة الاحتمال.
وليكن الأمر كما ذكره في حلّ الإشكال من أنّ مرجع هذا الإشكال في خروج القياس ، فما الّذي يمنع صاحب الفصول من دفعه بأحد تلك الوجوه؟ وإذا كان القائلون بالظن المطلق يمكنهم الجواب عن خروج القياس في نفس الأحكام الشرعية ، على أنّ دليلهم بزعمهم عقلي لا يقبل التخصيص ، أفلا يمكن القائل بالظن الخاصّ أن يأتي بمثله أو بأحسن منه؟ مع أنّ عمدة مقدّمات دليله النقل ، فيجيب عن هذا النقض تارة بالتزام الجواز وهو أهون بكثير من التزام الفاضل القمي من جوازه في نفس الأحكام أو يدّعي عدم حصول الظن منه بعد ورود النهي عنه ، وما المجازفة فيه بأشدّ منها في عدم حصول الظن منه في
__________________
(١) انظر قوانين الأصول ١ : ٤٤٩.
(٢) فرائد الأصول : ١٥٧.