( على ) لكلّ جزئي من جزئيّاته ، وللواقع مرآة لحال مدخوله.
وقد استدلّوا على ذلك بوجوه ستة تجدها مفصّلة في كتاب هداية (١) الجدّ العلاّمة ـ أعلى الله مقامه ـ وأثر التكلّف باد على أكثرها ، بل على جميعها.
ويعلم منها أنّ الّذي ألجأهم إلى هذا التكلّف هو زعمهم انحصار التخلّص عن المنافاة بين وضعها للمفهومات الكلّية وبين عدم صحّة استعمالها إلاّ في الجزئيّات ، في ذلك ، وعدم إمكان الفرق بينها وبين معانيها الاسمية إلاّ بذلك ، ولا شك أنه لو تأتّى لهم الجمع بين الأمرين ، والفرق بينهما ، لما ذهبوا إلى هذا التكلّف الّذي لا يقبله الطبع السليم ، ويرفضه الذهن المستقيم.
ولهذا ذهب جماعة من محقّقي المتأخّرين ، أولهم ـ فيما أعلم ـ الجدّ العلاّمة في ( الهداية ) إلى أنها موضوعة بالوضع والموضوع له العامين ، وأنّ معانيها كلّية كمعاني متعلّقاتها ، ويمكن بيانه من وجوه :
أولها : ما ذهب إليه ـ طاب ثراه ـ وملخّصه : أن الحروف موضوعة للمعاني الرابطية المتقوّمة بمتعلّقاتها الملحوظة مرآة لحال غيرها ، وذلك المعنى الرابطي مأخوذ في الوضع على وجه كلّي ، ولكن لا يمكن إرادته من اللفظ إلاّ بذكر ما يرتبط به ، فلا يمكن استعمال اللفظ في ذلك المعنى الكلّي إلاّ في ضمن الخصوصيّات الحاصلة من ضمّ ما جعل مرآة لملاحظته لتقوّم المعنى الرابطي به ، فالحصول في ضمن الجزئي من لوازم الاستعمال فيما وضعت له لا لتعلّق الوضع بتلك الخصوصيات ، فعدم استعمالها في المعنى العام على إطلاقه إنّما هو لعدم إمكان إرادته كذلك ، لا لعدم تعلّق الوضع به كما زعموه (٢).
ثانيها : ما قرّره السيد الأستاذ ـ قدس سره ـ وتوضيحه يبتني على مقدّمة
__________________
(١) راجع هداية المسترشدين : ٣١ ـ ٣٦.
(٢) مقتطفة من الهداية ، ومن أراد التفصيل فليراجعها. ( منه ره ). راجع هداية المسترشدين : ٣٢.