إليه ، كالعلم بعدالة المخبر ، فكلام الصادق والكاذب في الإخبار على حدّ سواء في الدلالة اللفظية ، وبهذا يصح لك أن تختصر الكلام ، وتقول : إنّ اللفظ إمّا تكون دلالتها على أنّ لافظها أراد إفهام معانيها ، وإمّا أن تكون على الوقوع واللاوقوع ، وحيث إنّ الشق الثاني خارج عن عهدة اللفظ يتعيّن الأول.
وإن أراد أنّ معاني الألفاظ مقيّدة بالإرادة بمعنى أنها لوحظت بالمعنى الاسمي قيدا لها فوضوح فساده مغن عن الإطالة في ردّه ، وما ذكره هذا الأستاذ من الإيراد لا يتوجّه على ما قرّرناه أصلا.
أما قوله : « وإنّ قصد المعنى من مقوّمات الاستعمال ». فللتأمل في فهمه مجال ، ومهما كان المراد منه فليس الاستعمال إلاّ الإتيان باللفظ لإرادة إفهام المعنى ، وهذا لا محذور فيه أصلا.
وأمّا ما ذكره « من صحة الحمل بلا تصرف في [ ألفاظ ] (١) الأطراف » (٢) إلى آخره فهو أجنبي عمّا قلناه ، ويتّجه على من يقول بتقييد المعاني بالإرادة بالمعنى الاسمي إن وجد قائل به.
وكذا ما ذكره أخيرا ، على أنه فيه : أنّ كلّ لفظ يدل بالوضع على معنى جعلوه من باب عموم الموضوع له ، وفي قباله الألفاظ الدالة على المعنى الخاصّ ، ولا مشاحّة في الاصطلاح.
فاستبان مما ذكرناه : أنّ الدلالة اللفظية لا تتحقق إلاّ في الألفاظ الصادرة عن شاعر قابل للإرادة ، وما يرى من انتقال الذهن إلى المعنى عند سماع اللفظ من غيره فهو من باب أنس الذهن ، لا من باب الدلالة قطعا.
ومنه يظهر الجواب عما أورده في الفصول « من أنه يلزم على تقدير أن تكون الحيثية المذكورة داخلة في المعنى أن يكون كل لفظ متضمّنا معنى حرفيا
__________________
(١) الزيادة من المصدر.
(٢) كفاية الأصول : ١٦.