الناس بالشفاعة والجنة مهما عصوا . . ما عدا المعارضين للدولة طبعاً .
لقد ساعد مذهب الإرجاء الدولة وأتباعها في تخفيف المسؤولية المشددة في القرآن والسنة على الحكام ، ولكنه سبب ردات فعلٍ في الأمة فظهرت فئات تنكر أصل الشفاعة التي تتذرع بها الدولة ، وتكذب كل أحاديثها وتؤول كل آياتها . . ولم يكن ذلك منحصراً بالخوارج ، وإن اشتهروا به .
بل تدل روايات السنيين على أن ردود الفعل على توسيع الشفاعة بدأت من زمن الخليفة عمر ، ولكنه لم يستطع أن يؤدب أصحابها بالسوط ، إما لأنه لم يعرفهم بالضبط ، أو لسبب آخر ، فخطب محذراً منهم بشدة !
ـ قال في مجمع الزوائد ج ٧ ص ٢٠٧
عن ابن عباس قال : خطب عمر بن الخطاب فحمد الله وأثنى عليه فقال : ألا إنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم وبالدجال وبالشفاعة !
وروى نحوه في مسند أحمد ج ١ ص ٢٣ وفي الدر المنثور ج ٣ ص ٦٠ : عن سعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس وفي كنز العمال ج ١ ص ٣٨٧ وج ٥ ص ٤٢٩ وص ٤٣١ وفيه ( قال أمر عمر بن الخطاب منادياً فنادى أن الصلاة جامعة ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال . . . ) .
ويظهر من النص التالي أن بني أمية أفرطوا في التأكيد على الشفاعة أيضاً ، ففي فردوس الأخبار للديلمي ج ١ ص ١١٦ ح ٢٥٤ : عن معاوية : إشفعوا إليَّ تؤجروا ، فإن الرجل ليسألني الحاجة فأرده كي تشفعوا له فتؤجروا ! . انتهى .
أما الخوارج فقد ثبت أنهم كانوا يقولون : إن مرتكب المعصية الكبيرة أو الصغيرة كافر ، وإذا مات ولم يتب فهو مخلد في النار ، وأنه لا شفاعة لأحد أبداً ولا خروج من النار !
وأول من تصدى لرد مقولتهم الأئمة من أهل البيت : ثم تبعهم غيرهم .