النوعي وجوداً وعدماً ، كان حسناً عند الطبع والعرف أيضاً أم لم يكن.
التحقيق في المقام أن يقال : إنّ البحث عن ذلك يبتني على إثبات أمرين :
الأوّل : وجود الاستعمالات المجازية في الألفاظ المتداولة بين العرف.
الثاني : انحصار الواضع بشخص واحد أو جماعة وإلاّ فلا مجال لهذا البحث ، فانّا إذا التزمنا بأنّ كل مستعمل واضع حسب تعهّده ، فهو لم يتعهد إلاّبارادة المعنى الموضوع له عند عدم القرينة على الخلاف ، وأمّا مع وجود القرينة فلا مانع من الاستعمال ، وحيث لم يثبت كلا الأمرين فلا موضوع لهذا البحث.
أمّا عدم ثبوت الأمر الأوّل ، فلإمكان أن نلتزم بما نسب إلى السكاكي من أنّ اللفظ يستعمل دائماً في المعنى الموضوع له ، غاية الأمر أنّ التطبيق قد يكون مبتنياً على التنزيل والادعاء ، بمعنى أنّ المستعمل ينزّل شيئاً منزلة المعنى الحقيقي ويعتبره هو فيستعمل اللفظ فيه فيكون الاستعمال حقيقياً ، ولا بعد فيما نسب إليه ، فان فيه المبالغة في الكلام الجارية على طبق مقتضى الحال ، وهذا بخلاف مسلك القوم ، فانّه لا مبالغة فيه ، إذ لا فرق حينئذ بين قولنا : زيد قمر ، وقولنا : زيد حسن الوجه ، أو بين قولنا : زيد أسد ، وقولنا : زيد شجاع ، مع أنّ مراجعة الوجدان تشهد على خلاف ذلك ، ووجود الفارق بين الكلامين.
ونظير ذلك ما ذكره المحقق صاحب الكفاية قدسسره من أن كلمة ( لا ) في مثل قوله عليهالسلام « لا صلاة لجار المسجد إلاّفي المسجد » إنّما استعمل في نفي الحقيقة لكنّه على نحو الادعاء والمبالغة ، لا في نفي الصفة أو الكمال ، وإلاّ فلا دلالة في الجملة على المبالغة (١).
وقد ذكرنا في بعض مباحث الفقه أنّ المبالغة ليست من أفراد الكذب ولا
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٩.