______________________________________________________
مركب من معنى اسمي وحرفي هذا (١).
ويردّه أوّلاً : أنّ الاختلاف بين المعنى الحرفي والاسمي كما عرفت اختلاف بالذات والحقيقة لا باللحاظ الآلي والاستقلالي ، فالمعنى الحرفي حرفي وإن لوحظ استقلالاً ، والمعنى الاسمي اسمي وإن لوحظ آلياً ، وقد اعترف هو قدسسره أيضاً بذلك ، وعليه فالارادة معنى اسمي وإن لوحظت آلة ، ولا تنقلب بذلك عن المعنى الاسمي إلى المعنى الحرفي حتّى يلزم وضع اللفظ لمعنى مركب من معنى اسمي وحرفي. على أنّك قد عرفت أنّ المعنى الحرفي كالمعنى الاسمي ملحوظ استقلالاً لا آلياً ، فلا وجه حينئذ لتخصيص الايراد بصورة أخذ الارادة قيداً لا جزءاً ، إلاّ أن يكون مراده من المعنى الحرفي نفس التقيد بالارادة لا نفس الارادة ، فانّه معنى حرفي. ولكنّه مدفوع أوّلاً : بالنقض بوضع الألفاظ للمعاني المركبة أو المقيدة ، فانّ معانيها متضمنة للمعنى الحرفي لا محالة ، إذ كل جزء مقيد بجزء آخر فالتقيد معنى حرفي. وثانياً : أنّه لا مانع من وضع لفظ لمعنى مركب من معنى اسمي وحرفي إذا دعت الحاجة إليه ، فإذا فرض أنّ الغرض تعلّق بوضع الألفاظ للمعاني المقيّدة بارادة المتكلم فلا مانع من وضع الألفاظ لها كذلك ، إذ الوضع فعل اختياري للواضع فله أن يقيد المعنى الموضوع له بقيود ما ولا محذور فيه ، والاستقراء المدعى في كلامه قدسسره لو تمّ فلا يدل على استحالة ذلك الوضع. على أنّ ذلك لو تمّ فانّما يتم إذا كان الواضع من أهل كل لغة واحداً أو جماعة معينين ليثبت له الطريقة الخاصة في الوضع التي فرض عدم جواز التخلف عنها ، إلاّ أنّه فرض في فرض.
وثانياً : أنّه لا أساس لذلك الايراد أصلاً ، فانّه مبتن على أخذ الارادة في المعنى ـ
__________________
(١) بدائع الأفكار : ١ : ٩٢.