إطلاق الصحيحة إطلاق مقامي ، وهو أجنبي عن الإطلاق اللفظي المتقوّم باحراز صدق المفهوم على المورد المشكوك فيه ، والذي لايمكن التمسك به على الصحيحي هو الإطلاق اللفظي ، وأمّا الإطلاق المقامي فالتمسك به مشترك فيه بين القول بالصحيح والقول بالأعم ، والسر في ذلك : أنّ المعتبر في الاطلاق اللفظي أن يرد الحكم في القضيّة على الطبيعي الجامع القابل للانطباق على حصص عديدة ، ولا أقل من حصّتين.
وبعد ذلك تصل النوبة إلى إحراز بقية المقدمات ، من كون المتكلم في مقام البيان ، وعدم إتيانه بالقرينة على إرادة الخلاف ، ولأجل ذلك لا يسع القائل بوضع الألفاظ للصحيح أن يتمسك بالإطلاق ، وذلك للشك في صدق المفهوم على الفاقد لما يحتمل دخله في المسمى. وأمّا الإطلاق الأحوالي فلا يعتبر فيه ذلك ، بل المعتبر فيه سكوت المتكلم عن البيان حينما يورد الحكم على نفس الأجزاء والشرائط أو الأفراد ، مثلاً إذا كان المولى في مقام بيان ما يحتاجه اليوم من اللحم والخبز والارز واللبن وغيرها من اللوازم ، فأمر عبده بشرائها ولم يذكر الدهن مثلاً ، فبما أنّه كان في مقام البيان ولم يذكر ذلك فيستكشف منه عدم إرادته له وإلاّ لبيّنه.
ومن هنا لانحتاج في هذا النحو من الإطلاق إلى وجود لفظ مطلق في القضيّة ، بل هو مناقض له كما عرفت آنفاً ، والإطلاق في الصحيحة من هذا القبيل ، فانّه ( سلام الله عليه ) كان في مقام بيان الأجزاء والشرائط ، فكلّ ما لم يبيّنه يستكشف عدم دخله في المأمور به.
فالنتيجة : أنّ أحد الإطلاقين أجنبي عن الإطلاق الآخر رأساً ، وجواز التمسك بأحدهما لايستلزم جواز التمسك بالآخر ، كما أنّه لا فرق في جواز التمسك بالاطلاق الأحوالي بين القول بالوضع للصحيح ، والقول بالوضع للأعم. وأمّا